للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعناه أن يجب بالعقد من غير شرط؛

(لأن فيه زيادة عارية عن العوض فيؤدي إلى الربا) (١)

[[الحكمة من شرع الأسباب في المعاملات]]

لأنهما لما قصد المقابلة بين المبيع والثمن خلا الشرط عن العوض، وقال: شرط فيه من المنفعة لأحدهما مال حتى جاز أخذ العوض عليه؛ لأن ذلك مثل أن يقول: بعت هذا منك (٢) بشرط أن تقرضني عشرة دراهم في وقت كذا، وبعت هذه الدار بشرط أن أسكن فيها شهراً ونحوهما، والربا مال مُلِك بالبيع من غير عوض، أو لأنه يقع (٣) بسببه المنازعة فيعرى العقد غير (٤) مقصوده؛ لأن المقصود من شرع الأسباب في المعاملات قطع التنازع وذلك؛ لأن الذي يشتري شيء يرغب فيه كل طالب، فلو أراد راغب أخذه لاحتياجه إليه والآخر أيضاً محتاج إليه فيريد أخذه لاحتياجه إليه، وكذلك الآخر فلو لم يشرع الشارع سبباً مختصًّا به من مباشر ذلك السبب أدى إلى منازعة تفضي إلى التقاتل والتغابن، وذلك ليس بحكمة، والشارع موصوف بالحكمة الكاملة فشرع أسباباً (٥) تنقطع بها المنازعة؛ لأنه لما علم كل واحد إن كان من فاز بالسبب فاز بالاختصاص لمسببه، وهو الشيء المرغوب فيه، وظن نفسه بالإياس عن ذلك الشيء إذا لم يوجد منه المباشرة لذلك السبب الذي يؤدي إلى اختصاص مسببه (٦) فلا ينازعه فيه، وإذا ثبت أن شرعية العقد لقطع المنازعة، ثم لو شرط فيه شرطاً ربما لا يساعد المشتري البائع في الجري على موجب الشرط، والبائع يطالبه فيؤدي إلى المنازعة، فلم يفد حينئذ شرعية العقد ما هو المراد منها وهو قطع المنازعة.

فإن قيل: لما شرط المشتري أو البائع شرطاً في العقد فالظاهر أنه يجري على موجبه، فلا يؤدي الشرط حينئذ إلى المنازعة.

قلنا: يفسد العقد بالشرط، فظاهر ما روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «نهى عن بيع وشرط» (٧)، فبعد ذلك لا يجري الشارط على ما شرطه؛ لأن الشرط إنما يراعى في البيع الصحيح، لا في البيع الفاسد، فعلى أي وجه كان الشرط الذي لا يقتضي العقد يفسد العقد. وقوله:


(١) قال في الهداية: " وكل شرط لا يقتضيه العقد وفيه منفعة لأحد المتعاقدين أو للمعقود عليه -وهو من أهل الاستحقاق- يفسده، كشرط أن لا يبيع المشتري العبد المبيع" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٤٨).
(٢) سقط من (ب).
(٣) سقط من (ب) وهي في الهامش.
(٤) "عن" في (ب).
(٥) "أسبابها" في (ب).
(٦) في (ب) بعد هذه الكلمة مكرره.
(٧) سبق تخريجه ص ١٤٣.