للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأَمَّا الْمُسَافِرُ إِنْ صَلَّى بِغَيْرِ أَذَانٍ، وَإِقَامَةٍ حَقِيقَةً، وَحُكْمًا فَيُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ تَارِكًا لِلصَّلَاةِ بِجَمَاعَةٍ حَقِيقَةً، وَتَشْبُّهًا، وَتَرْكُ الصَّلَاةِ بِجَمَاعَةٍ مَكْرُوهٌ؛ فَكَذَا تَرَكُ التَّشَبُّهِ، يَكُونُ مَكْرُوهًا كَمَا فِي الصَّوْمِ، مَتَى عَجَزَ عَنِ الصَّوْمِ، وَقَدَرَ عَلَى التَّشَبُّهِ؛ كُرِهَ إِذا/ تَرْكُ ذَلِكَ؛ فَكَذَا هَذَا، كَذَا فِي "مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ" -رحمه الله-

وَذَكَرَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ -رحمه الله- فَإِنْ كَانَ لَهُ مَسْجِدَ حَيٍّ، لَا يُكْرَهُ تَرْكُ الْإِقَامَةِ؛ لِأَنَّ إِقَامَةَ الْمَسْجِدِ؛ وَقَعَتْ لَهُ إِلَّا (١) إِذَا لَمْ يَكُنْ أُقِيمَ فِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ؛ فَإِنْ كَانَ قَدْ أُقِيمَ، ذَكَرَ الْإِمَامُ السَّرْخَسِيُّ -رحمه الله-: (إِنْ أَذَّنَ هُوَ وأقَامَ فَحَسَنٌ، وَكَذَا إِنْ أَقَامَ وَلَمْ يُؤَذِّنْ) (٢)، وَفِي التَّفَارِيقِ (٣)، وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ، بِلَا أَذَانٍ، وَلَا إِقَامَةٍ إِنْ شَاءَ، وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً؛ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ -رحمه الله- أَسَاءُوا فِي تَرْكِ ذَلِكَ.

وَفِي "الْجَامِعِ الصَّغِيرِ" لِلْكَرْخِيِّ: لَا يُرَخَّصُ فِي تَرْكِ أَحَدَيْهِمَا (٤).

[مَا يَجِبُ عَلَى السَّامِعِينَ عِنْدَ الْأَذَانِ]

وامَّا بَيَانُ مَا يَجِبُ عَلَى السَّامِعِينَ عِنْدَ الْأَذَانِ فَيَقُولُ: (٥) يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْإِجَابَةُ عَلَى مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- «أَرْبَعٌ مِنَ الْجَفَاءِ» وَذَكَرَ مِنْ جُمْلَتِهَا، «وَمَنْ سَمِعَ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ وَلَمْ يُجِبْ» (٦) وَالْإِجَابَةُ أَنْ يَقُولَ (٧) مِثْلَ مَا قَالَهُ (٨) الْمُؤَذِّنُ إِلَّا (٩) قَوْلُهُ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ؛ فَإِنَّهُ يَقُولُ مَقَامَ ذَلِكَ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ لِأَنَّ إِعَادَةَ ذَلِكَ؛ تَشَبُّهٌ بِالاسْتِهْزَاءِ (١٠) وَكَذَلِكَ؛ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، يَقُولُ صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ.


(١) في (ب): (الأداء).
(٢) "المبسوط" للسرخسي (١/ ١٣٣).
(٣) جمع التفاريق في الفروع، للإمام، زين المشايخ، أبي الفضل: محمد بن أبي القاسم البقالي، الخوارزمي، الحنفي.
المتوفى: سنة ٥٨٦ هـ. ذكر في " كشف الظنون لحاجي خليفه " (١/ ٥٩٦).
(٤) في (ب): (إحداهما).
(٥) في (ب): (فنقول).
(٦) أخرجه الطبراني في"المعجم الكبير" (٩/ ٣٠٠)، حديث (٩٥٠٣)، وأخرجه البيهقي في "الكبرى" (٢/ ٢٨٥) في كتاب "الصلاة" باب "لا يمسح وجهه من التراب في الصلاة حتى يسلم"، حديث (٣٦٩٤)، كلاهما عن =عبد الله بن مسعود موقوفًا، وقال النووي في"خلاصة الأحكام" (ص ٤٨٦): (رواه البيهقي من طرق كلها ضعيفة).
(٧) (أن يقول): ساقطة من (ب) ..
(٨) في (ب): (قال).
(٩) في (ب): (إلى).
(١٠) في (ب): (يشبه الاستهزاء).