للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: الصُّدَاعَ أَثَرُ الشُّرْبِ، وزوال العقل أَثَرُ الصداع، فكان زوال العقل مضافاً إلى الشّرب بواسطة الصداع، فإن الحكم كما يضاف إلى العلّة، يضاف إلى علّة العلّة، كما في الرمي وقود الدّابة.

قلنا: إنّما يضاف إلى علة العلّة إذا لم يكن للعلّة المتّصلة به صلاحية الإضافة إليها، ولا ينفصل بالثّانية، كالنفوذ لا ينفصل عن الرمي.

بخلاف ما نحن فيه؛ لأنّه يتصوّر انفصال الصداع عن الشّرب، فاعتبر منفصلاً، ولأنّ شرب الخمر ليس بموضوع للصداع، فلا يضاف الصداع إلى شربها.

[[من بيده الطلاق]]

بخلاف الرمي فإنّه موضوع للنّفوذ، والقود فإنّه موضوع للانقياد.

وطلاق الأمة ثنتان (١) إلى آخره، أنت الطّلاق على تأويل التّطليقة.

ثم مذهبنا (٢) فيه قول علي وابن مسعود (٣) -رضي الله عنه- (٤)، وما قاله الشافعي (٥) قول عمر (٦) وزيد ابن ثابت -رضي الله عنه- (٧)، وأمّا عبد الله بن عمر (٨) فيعتبر بمن رق منهما حتّى لا يملك عليها ثلاث تطليقات إلا إذا كانا حزين - كذا في «المبسوط» (٩) -؛ لقوله -عليه السلام-: «الطّلاق بالرجال والعدّة بالنّساء» (١٠).


(١) وَاخْتلفُوا هَل يعْتَبر الطَّلَاق بِالرِّجَالِ وَالْعدة بِالنسَاء، ذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن عدد الطلاق معتبر بالرجال، فإن كان حر فثلاث، وإن كان عبدًا فطلقتين، وذهب الحنيفة إلى أنه باعتبار النساء. يُنْظَر: المدونة الكبرى (٢/ ٢٨١)، المغني (٨/ ٣٢١)، روضة الطالبين (٨/ ٧١)، فتح القدير (٣/ ٤٢)، اختلاف الأئمة العلماء (٢/ ١٨٠).
(٢) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٦/ ٣٩)، والغرة المنيفة في تحقيق بعض مسائل الإمام أبي حنيفة (ص: ١٥٥).
(٣) عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ غَافِلِ بنِ حَبِيْبٍ الهُذَلِيُّ، كَانَ مِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ، وَمِنَ النُّجَبَاءِ العَالِمِيْنَ، ولازم النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأول من جهر بقراءة القرآن بمكة، وكان خادم رسول الله الامين، شَهِدَ بَدْراً، وَهَاجَرَ الهِجْرَتَيْنِ، وَكَانَ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ عَلَى النَّفْلِ رَوَى عِلْماً كَثِيْراً، مَاتَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ بِالمَدِيْنَةِ، وَدُفِنَ بِالبَقِيْعِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِيْنَ. انظر: سير أعلام النبلاء (١/ ٤٦١)، والإصابة في تمييز الصحابة (٤/ ١٩٩)، و (الأعلام للزركلي (٤/ ١٣٧).
(٤) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٦/ ٣٩)، والغرة المنيفة في تحقيق بعض مسائل الإمام أبي حنيفة (ص: ١٥٥).
(٥) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٦/ ٣٩)، والغرة المنيفة في تحقيق بعض مسائل الإمام أبي حنيفة (ص: ١٥٥).
(٦) ينظر: سنن سعيد بن منصور (١/ ٣٤٥).
(٧) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٦/ ٣٩)، والغرة المنيفة في تحقيق بعض مسائل الإمام أبي حنيفة (ص: ١٥٥).
(٨) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٦/ ٣٩)، والغرة المنيفة في تحقيق بعض مسائل الإمام أبي حنيفة (ص: ١٥٥).
(٩) المبسوط للسرخسي (٦/ ٣٩).
(١٠) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (كتاب الرجعة/ بَابُ مَا جَاءَ فِي عَدَدِ طَلَاقِ الْعَبْدِ/ ١٥١٦٣)، وسعيد بن منصور في السنن (بَابُ الطَّلَاقِ بِالرِّجَالِ وَالْعِدَّةِ بِالنِّسَاءِ/ ١٣٢٩)، قال ابن حجر: "لم أَجِدهُ مَرْفُوعا وهو مَوْقُوفًا على ابْنِ مَسْعُودٍ". انظر: التلخيص الحبير (٣/ ٤٢٨)، والدراية في تخريج أحاديث الهداية (٢/ ٧٠).