للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَا لَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ؛ فَسُلِّمَ عَلَيْهِ لَا يَرُدُّ الْجَوَابَ، لِمَا مَرَّ وَعَنِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، قَالَ: (إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ وِرْدٌ مِنَ الْقُرْآنِ، وَالدَّعَوَاتِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فِي حَالِ وِرْدِهِ، لَهُ أَنْ لَا يَرُدَّ الْجَوَابَ) (١) أَيْضاً، وَكَذَا لَوْ سَلَّمَ عَلَى الْمُدَرِّسِ؛ فِي حَالِ تَدْرِيسِهِ لَهُ أَنْ لَا يَرُدَّ الْجَوَابَ أَيْضاً.

وَكَذَا لَوْ سَلَّمَ الْمُكَدِّي عَلَى إِنْسَانٍ لَهُ أَنْ لَا يَرُدَّ الْجَوَابَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْمَالُ دُونَ/ إِفْشَاءِ السَّلَامِ كَذَا ذَكَرَ الْإِمَامُ الْمَحْبُوبِيُّ (٢).

وَفِي "مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ" رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ: (مَتَى تَخْرُجُ الْقَافِلَةُ؟ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: أَنْصِتْ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لِلَّذِي قَالَ أَنْصِتْ: أَمَّا أَنْتَ فَلَا صَلَاةَ لَكَ وامَّا صَاحِبُكَ فَحِمَارٌ) (٣) فَقَدْ حَرَّمَ الْكَلَامَ بِمَا هُوَ أَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ فَرْضًا كَيْلا يفَوْتِهِمْ فَرْضٌ؛ فَلِأَنْ يَحْرُمَ مَا هُوَ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ أَوْلَى.

[حكم الصَّلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- والإمام يخطب]

قوله -رحمه الله-: (وَكَذَلِكَ إِنْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (٤)


(١) ينظر: "بدائع الصنائع للكاساني" (٢٦٤).
(٢) ينظر: " البناية شرح الهداية للعيني " (٢/ ٣٢٣).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٤/ ١٠٤)، كتاب الصلاة، باب في الكلام إذا صعد الإمام المنبر وخطب، حديث (٥٣٤٦). قال البيهقي: ويشبه أن يكون بن عمر -رضي الله عنه- إنما أخذ هذا من الحديث الثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- «إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت». شعب الإيمان، للبيهقي (٤/ ٤١٣).
(٤) ما بين القوسين من كلام صاحب البداية وقال في الهداية حيث يقول: (وكذلك إن صلى على النبي عليه الصلاة والسلام لفرضية الاستماع إلا أن يقرأ الخطيب قوله تعالى: [يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا] [الأحزاب: ٥٦] الآية، فيصلي السامع في نفسه، واختلفوا في النائي عن المنبر، والأحوط هو السكوت إقامة لفرض الإنصات). "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٥٦).