للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ: وَيَذْكُرُونَ اللَّهَ؛ إِذَا ذَكَرَ الْإِمَامُ وَ (١) يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَسْتَمِعُوا، وَيُنْصِتُوا، وَلَمْ يَقُلْ لَا يَذْكُرُونَ، وَلَا يُصَلُّونَ؛ فَقَدْ أَحْسَنَ فِي الْعِبَارَةِ، وَاحْتَشَمَ مِنْ أَنْ يَقُولَ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ، وَلَا يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (٢) وَإِنَّمَا كَانَ الاسْتِمَاعُ، وَالْإِنْصَاتُ أَحَبَّ (٣)؛ لِأَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ؛ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (لَيْسَ بِفَرْضٍ وَاسْتِمَاعُ الْخُطْبَةِ فَرْضٌ) (٤) فَلَا يَجُوزُ تَرْكُ الْفَرْضِ لِإِقَامَةِ مَا لَيْسَ بِفَرْضٍ (٥) (أَلَا تَرَى أَنَّهُ حَرَّمَ الْكَلَامَ، بِمَا هُوَ أَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ؛ فَرْضٌ فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ تَرْكُ الاسْتِمَاعِ بِمَا هُوَ فَرْضٌ؛ فَلِأَنَّ لَا يَجُوزُ التَّرْكُ لِمَا سُنَّةٌ أَوْلَى) (٦)، ثُمَّ هَذَا لَا يَشْكُلُ إِذَا كَانَ قَرِيباً مِنَ الْمِنْبَرِ بِحَيْثُ يَسْتَمِعُ (٧) الْخُطْبَةَ مِنَ الْإِمَامِ.

فَأَمَّا إِذَا كَانَ بَعِيداً بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ مِنَ الْإِمَامِ، فَذِكْرُ اللَّهِ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ أَوْلَى أَمِ الْإِنْصَاتُ؟ فَهَذَا فَصَّلَ لَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ أَصْحَابِنَا فِي " الْمَبْسُوطِ ": (فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ الْمُتَأَخِّرُونَ فَقَدْ رَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ؛ أَنَّهُ يَقُولُ الْإِنْصَاتُ أَوْلَى، وَرُوِيَ عَنْ نُصَيْرِ بْنِ يَحْيَى (٨) أَنَّهُ (مَتَى كَانَ بَعِيداً مِنَ الْإِمَامِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعِ الْخُطْبَةَ) (٩) كَانَ يَقُولُ (١٠) يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ، وَيَقَرَأُ الْقُرْآنَ) (١١).


(١) (وَ) ساقطة من (ب).
(٢) (عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ساقطة من (ب).
(٣) (أَحَبَّ) زيادة من (ب).
(٤) في (ب): (لأن ذكر الله والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- ليسا بفرضية والاستماع والإنصات فرضان).
(٥) في (ب): (السنة).
(٦) ما بين القوسين ساقط من (ب).
(٧) في (ب): (حتى يسمع).
(٨) هو نصير بن يحيى وَقيل نصر الْبَلْخِي تفقه على أبي سُلَيْمَان الْجوزجَاني عَن مُحَمَّد روى عَنهُ أَبُو عتاب الْبَلْخِي مَاتَ سنة ثَمان وسِتِّين ومِائتين -رحمه الله- تعالى. انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية، للقرشي (٢/ ٢٠٠) رقم (٦١٩).
(٩) ساقطة من (ب).
(١٠) (يَقُولُ) زيادة من (ب).
(١١) "المبسوط" للسرخسي (٢/ ٢٨).