للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[أدلة جواز البيع]]

وأما دليل جوازه: فالكتاب، والسُّنَّة، والإجماع، والمعنى المعقول.

أما الكتاب فقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (١)، وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} (٢).

وأما السنة فما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «يا معشر التجار، إن بيعكم هذا يحضره اللغو والكذب، فشوبوه (٣) بالصدقة» (٤).

وكذا بُعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس يتبايعون، فقررهم (٥) على ذلك، والتقرير أحد وجوه السُّنَّة، وعليه إجماع الأمة (٦).

والمعنى المعقول قد مرَّ في ذكر المحاسن (٧).

[[سبب البيع]]

وأما سببه فتعلق البقاء المقدور بتعاطيها (٨) بيان ذلك أن الله تعالى حكم ببقاء (٩) العالم إلى قيام الساعة، وهذا البقاء إنما يكون ببقاء جنس الإنس، وذلك يكون بالتوالد، وقد ذكرناه في النكاح (١٠)، وبقاء النفس إلى أجله، وذلك إنما يقوم بما تقوم به المصالح للمعيشة، وما يحتاج إليه كل واحد لكفايته (١١)، وكل واحد لا يكون حاصلاً في يده، إنما يتمكن من هذا المقصود بالمال، فشرع الله سبحانه اكتساب المال، وهو التجارة عن تراض لما في التغالب من الفساد، {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} (١٢).


(١) [البقرة: ٢٥٢].
(٢) [النساء: ٢٩].
(٣) شوب أَي: لا غش وَلا تَخْلِيط. وَيَقُول البَائِع: لا شوب وَلا روب عَلَيْك، أَي: أَنْت بَرِيء من عيبها، لا أشوب وَلا أروب، أَي: لا أخلط عَلَيْك، وأصل الشوب: الخلط، والروب من اللبن. الفائق في غريب الحديث (٢/ ٢٦٩)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٢/ ٥٠٧).
(٤) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب البيوع، باب التجارة وما يخالطها الحلف واللغو، رقم (٣٣٢٦)، (ج ٥/ ص ٢١٥)، وابن ماجه، كتاب التجارات، باب التوقي في التجارة، رقم (٢١٤٥)، (ج ٢/ ص ٧٢٦)، والنسائي، كتاب الأيمان والنذور، باب في الحلف والكذب لمن لم يعتقد اليمين بقلبه، رقم (٣٧٩٧، ٣٧٩٨)، (ج ٧/ ص ١٤)، وفي باب اللغو والكذب، رقم (٣٧٩٩، ٣٨٠٠)، (ج ٧/ ص ١٥)، وأيضاً النسائي في كتاب البيوع، باب الأمر بالصدقة لمن لم يعتقد اليمين بقلبه في حال بيعه، رقم (٤٤٦٣)، (ج ٧/ ص ٢٤٧). قال في المستدرك: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، كتاب البيوع، رقم (٢١٣٨)، (ج ٢/ ص ٥).
(٥) "فأقرهم" في (ب).
(٦) ينظر: المغني لابن قدامة (٣/ ٤٨٠).
(٧) ينظر (ص ١).
(٨) "و" زيادة في (ب).
(٩) كتبت هذه الكلمة بالتاء في (ب) وفي بقية الكلمات التي مثلها في نفس السطر.
(١٠) ينظر: المبسوط للسرخسي (٤/ ١٩٣).
(١١) في (ب) "بكفايته".
(١٢) آية من كتاب الله، قال تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: ٢٠٥].