للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «التفاريق»: عن أبي يوسف -رحمه الله- يكره أن يجتمع قوم فيعتزلوا في موضع يعبدون الله فيه، ويفرّغون أنفسهم لذلك، وإن كان معهم أهلوهم، والله أعلم بالصواب (١).

فصل: في تكبيرات [أيام] (٢) التشريق

لما فرغ من بيان صلاتي العيد وإحديهما صلاة الأضحى (٣) شرع فيما شرع بعد صلوات أيّام الأضحى، ثم قيل: لقب الفصل بتكبير التشريق وقع على قولهما؛ لأن شيئًا من التكبير لا يقع في أيّام التشريق عند أبي حنيفة-رحمه الله-، أو باعتبار القرب أخذًا باسمه، كما قال في لفظ «الجامع الصغير» (٤) قال يعقوب: صليت بهم المغرب يوم عرفة باعتبار قربه إلى النهار، ولو كان المراد من التشريق صلاة العيد كما ورد في الحديث: «لا جمعة، ولا تشريق إلا في مصر جامع» (٥)، وكذلك في حديث آخر «لا ذبح إلا بعد التشريق» (٦)، والمراد بالتشريق فيهما صلاة العيد. كذا في «المبسوط» (٧) كان جاريًا على قولهم جميعًا.

وفي «الخلاصة»: أيّام النحر ثلاثة، وأيام التشريق ثلاثة، ويمضي ذلك في أربعة أيّام فإنّ العاشر من ذي الحجة نحر خاص، والثالث عشر تشريق خاص، واليومان فيما بينهما للنحر، والتشريق جميعًا، ثم اختلفوا في أنّه سنة أو واجب، وذكر الإمام التمرتاشي تكبير التشريق سُنة. وفي «الإيضاح»: وفي شرح البزدوي (٨)، وأبي ذر (٩) رحمهم الله واجب (١٠).


(١) ينظر: الفتاوى الهندية: ٥/ ٣٤٩.
(٢) [ساقط] من (ب).
(٣) في (ب): "الضحى".
(٤) ينظر: الجامع الصغير وشرحه النافع: ص ١١٥.
(٥) سبق تخريجه (ص ١٤٨).
(٦) لم أجد الحديث في مضانه من كتب الحديث، وأورده السرخسي في المبسوط (٢/ ٣٧)، وبدر الدين العيني في البناية شرح الهداية (٢/ ١٢٥).
(٧) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ٦٦.
(٨) محمد بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم بن موسى بن مجاهد، أبو اليسر البزدوي، فقيه، أصولي ولي القضاء بسمرقند، تفقه عليه ركن الأئمة عبد الكريم بن محمد وأبو بكر محمد بن أحمد السمرقندي وولده القاضي أبو المعالي أحمد وغيرهم. قال السمعاني: أملى ببخارى الكثير ودرس الفقه كان من فحول المناظرين، قال عمر بن محمد النسفي: وكان شيخ أصحابنا بما وراء النهر، وكان إمام الأئمة على الإطلاق والوفود إليه من الآفاق، ملأ الكون بتصانيفه في الأصول والفروع، من تصانيفه: "المبسوط" في فروع الفقه. ينظر: سير أعلام النبلاء: ١٩/ ٤٩، الجواهر المضية: ٢/ ٢٧٠، الفوائد البهية: ص ١٨٨.
(٩) عبد بن أحمد، ويقال: حميد بن محمد، أبو ذر الهروي. يقال له ابن السماك. أصله من هراة، نزل بمكة ومات بها. فقيه مالكي، كان محدثًا حافظًا حجًة ثقةً نظارًا، غلب عليه الحديث، فكان إمامًا فيه. أخذ عن أعلام منهم زيد بن مخلد والقاضي الباقلاني. من تصانيفه: "تفسير القرآن" و"المستدرك على صحيح البخاري ومسلم"، و"كتاب الجامع"، و"شهادة الزور". ينظر: الأعلام للزركلي: ٤/ ٦٦.
(١٠) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٨١، ٨٢.