للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فلا يتناولهم إطلاق الكتاب) أي: لفظ الكتاب وهو قوله: (ومن ردّ الآبق على مولاه مِن مسيرة ثلاثة أيام).

(لكنْ هذا إذا أشهد) وإنْ ادَّعى أنّه أخذه للردِّ، ولكنْ ترك الإشهاد مع الإمكان فهو على الخلاف المذكور في اللقطة.

"هذا إذا علم أنّه كان آبقًا فإنْ أنكَر المولى أنْ يكون (١) العبد آبقًا فالقول قوله لأنَّالسَّبب الموجِب للضَّمان قد ظهر مِن الأخذ، وهو أخذ مال الغير بغير إذنه، فهو يدَّعي ما يسقطِه، وهو الإذن شرعًا لكون العبد آبقًا، ولو ادّعى الإذن من المالك له في أخذه وأنكَره

المالك كان القول قوله، فكذلك ههنا. وعلى هذا لو ردَّه فأنكر المولى أنْ يكون عبده آبقًا فلا جُعل له إلا أنْ/ يشهِد الشّهود بأنّه أبق مِن مولاه أو [أن] (٢) مولاه أقرَّ بإباقه، فحينئذ يجب له الجُعل" (٣)؛ كذا في المبسوط.

(وفي بعض النُّسخ) أي نُسخ المختصر للقدوري.

[[حكم إعتاق الآبق أو بيعه]]

(وَلو أعتقه المولى كما لقيه) أي: أَعتقه قبل أنْ يقبِضه وقتَ لقائِه (صار) بإعتاقه (قابضًا) له حتَّى يجِب الجُعل على المولى للرادِّ. وإنَّما قيَّدنا (٤) (بالإعتاق) لأنَّه لو دبَّر مكان الإعتاق لا يصير قابضًا. والفَرق بينهما هو أنّ الإعتاق إتلاف للمالية فيصير به قابضًا، كما لو أعتق المشتري العبد المشترَى قبل القَبض يصير به قابضًا. وأمَّا التدبير فلا يتلف (٥) به المالية، فلا يصير المولى قابضًا له إلا أنْ يصل إلى يده.

(وكذا إذا باعه من الرَّاد) أي: يصير قابضًا بالبيع مِن الرَّادِّ، وإنْ لم يصل إلى يده؛ وإنَّما قيِّد بالبيع لأنَّ الحكم في الهبة بخلاف ذلك حيث لا يصير بها قابضًا قبل الوصول إلى يده لأنّ في الهبة قبل القبض لم يصل العبد إلى يد المولى، ولا يد له، فلا يكون لها حكم القبض بخلاف البيع (٦)؛ والمسائل في الذخيرة.

(والردّ وإنْ كان له حكم البيع … ) إلى آخره (٧)، هذا جوابٌ لإشكالٍ يرِدُ على ما ذكر قبله بقوله: (لأنَّه في معنى البائع مِن المالك) (٨) فإنَّه لما جَعل المالك بمنزلةِ المشتري في تلك المسألة، ثُمَّ لو باع المالك ههنا مِن الرَّاد قبل أنْ يقبضه كان داخلًا تحت النَّهي الوارد في (٩) الحديث: "نهى عن بيع ما لم يقبض" (١٠) فأجاب عنه بهذا، وقال: ذلك النَّهي فيما إذا كان البيع الأوَّل بيعًا مِن كل وجه، وههنا بَيع الرادِّ من المالك هو بَيع من وجه لا مِن كلِّ


(١) في (ب) "بكون".
(٢) في (أ) "لأن".
(٣) المبسوط للسرخسي (١١/ ٢٢).
(٤) في (ب) "قيد".
(٥) في (ب) "تتلف".
(٦) ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ١٣٨).
(٧) تمام كلامه: "لكنّه بيع من وجه فلا يدخل تحتَ النّهي الوارد عن بيع مالم يقبض فجاز". الهداية في شرح بداية المبتدي (٢/ ٤٢٢).
(٨) ساقط من (ب).
(٩) في (ب) "من".
(١٠) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط، برقم (٩٠٠٧) ٩/ ٢١.
عن ابن عباس، أنّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعتاب بن أسيد: "إني قد بعثتك على أهل الله أهل مكّة، فإنّههم عن بيع ما لم يقبضوا، وعن ربح ما لم يضمنوا، وعن شرطين في شرط، وعن بيع وقرض، وعن بيع وسلف".
قال الهيثمي: وفيه يحيى بن صالح الأيلي؛ قال الذّهبي: روى عنه يحيى بن بكير مناكير. قلت: (أي الهيثمي): "ولم أجد لغير الذّهبي فيه كلامًا، وبقية رجاله رجال الصّحيح". مجمع الزوائد (٤/ ٨٥).