للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنَّ الطَّريق في سكة غير نافذة مملوك لأهل السِّكة مشترك فيما بينهم فكان الجواب فيه كالجواب في الدَّار المشترك.

والجواب في الدَّار المشترك: أنَّه إذا أحدث أحد الشركاء حدثاً بغير إذن شركائه على التَّفصيل الذي ذكرنا كذا ههنا بخلاف ما إذا كانت السِّكة نافذة.

وفي نوادر ابن سماعة عن محمد: طريق غير نافذ بين قوم وضع أحدهم فيه خشبة ونحوها فلا ضمان؛ لأنَّ هذه بمنزلة الدَّار بين الشركاء، ولو حفر بئراً ووقع إنسان ومات فهو ضامن، كما لو حفر بئراً في الدَّار المشتركة، إلا أنَّ هذه السِّكة تخالف الدَّار المشتركة في حفر البئر في خصلةٍ وهي أنَّ الحافر في السِّكة لا يضمن ما نقصها الحفر، والحافر في الدَّار المشتركة يضمن ما نقصها الحفر؛ لأنَّ الدار المشتركة مملوكة لهم على الحقيقة يبيعونها ويقسمونها ولا يبيعون السكة ولا يقسمونها كذا في «الذَّخيرة» (١).

[[من رش ماء في الطريق]]

وفيها أيضاً في مسألة رش الماء على الطَّريق حيث قال: وجب الضَّمان على عاقلة الراش. وكذلك في الوضوء قال: هكذا في الكتاب وأطلق الجواب إطلاقاً (٢).

قالوا: إنَّما يضمن الراش إذا مرَّ المار على الموضع الذي رش ولم يعلم بذلك بأن كان ليلاً أو كان المار أعمى وعثر ومات من ذلك.

وأمَّا إذا علم المار بالرش ومضى على الموضع الذي رش ومات فإنَّ الراش لا يضمن، وكذلك الجواب لو تعمد المرور على الخشبة الموضوعة، وذلك لأنَّ المار هو الذي خاطر بروحه لما علم بالرش أو الخشبة وتعمد المشي عليه فإذا تلف من ذلك لا يكون على المُسبب ضمان، كمن حفر نهراً على قارعة الطَّريق فجاء آخر وخاطر بروحه فوثب من أحد الجانبين إلى الجانب الآخر حتى وقع فيه ومات لم يضمن الحافر شيئاً وهكذا أيضاً ذكره الإمام المحبوبي (٣).


(١) يُنْظَر: بدائع الصنائع (٧/ ٢٧٩)، تكملة البحر الرائق (٨/ ٣٩٩)، مجمع الضمانات (٢/ ٦١٧).
(٢) يُنْظَر: بداية المبتدي (٢٤٨).
(٣) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٢)، تبيين الحقائق (٦/ ١٤٥)، تكملة البحر الرائق (٨/ ٣٩٩)، حاشية ابن عابدين (٦/ ٥٩٤)، تكملة رد المحتار (١/ ٩٦)، الفتاوى الهندية (٦/ ٤١).