للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[الجواب عن عفو أحد الشريكين]]

وأما القصاص: فليس بمال فضلاً عن التقوم فلا يجب الضمان على العافي خصوصاً على أصلنا لما عرف وعن أصله أيضاً لم يجب الضمان على العافي؛ لأن القصاص غير واجب عينًا في الابتداء على أصله حتى يكون العافي مبطلاً حق الشريك في القصاص المتعين فلم يجب الضمان [عليه] (١) بالاتفاق. هذا كله مما أشار إليه في المبسوط وغيره (٢).

[[لا كفارة في قتل العمد]]

(وَلَا كَفَّارَةَ فِيْهِ) أي: في القتل (٣) العمد، ويستوي بأن كان عمدًا يجب فيه القصاص أو لا يجب، كالأب إذا قتل (٤) ابنه عمدًا (٥)، والرجل إذا قتل من أسلم في دار الحرب ولم يهاجر إلينا عمدًا، والشافعي -رحمه الله- يوجب الكفارة باعتبار القتل (٦) ولكن لا نقول أن ما يلحقه من الإثم يرتفع بالكفارة وكيف نقول ذلك والوعيد منصوص عليه كذا في جنايات المبسوط (٧).

(فَلَا تُنَاطُ بِمِثْلِهَا (٨) أي: فلا تعين (٩) الكفارة بمثل هذه الكبيرة المحضة، كالزنا والسرقة (١٠)، وتأثير الوصف أن الكفارة لما كانت دائرة بين العبادة والعقوبة، فسببها يجب أن يكون دائراً بين الحظر والإباحة، فكما أن المباح المحض: وهو القتل بحق، كالقصاص لا يصلح سبباً للكفارة، فكذا المحظور المحض: وهو القتل العمد لا يصلح أن يكون سببًا للكفارة.

وإنما السبب: القتل الخطأ لتنسب (١١) العقوبة إلى جانب الحظر، والعبادة إلى جانب الإباحة، وهو في القتل الخطأ وأمثاله؛ لأنه باعتبار أصل العقل (١٢) مباح لقوله تعالى: {فَاصْطَادُوا} (١٣) وباعتبار ترك التثبت أو بالنظر إلى محل الإصابة محظور، فلذلك صلح القتل الخطأ أن يكون سبباً للكفارة.


(١) سقط في (ب).
(٢) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ٦٢_٦٤)، تبيين الحقائق (٦/ ٩٩)، تكملة البحر الرائق (٨/ ٣٣١).
(٣) وفي (ب) (قتل).
(٤) وفي (ب) (إذا قتل إذا قتل).
(٥) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ١٢٠).
(٦) مذهب الشافعية: أنه يتعلق بالقتل الذي هو ليس مباحا سوى عذاب الآخرة مؤاخذات في الدنيا: القصاص والدية والكفارة، لكن لا يجتمع القصاص والدية لا وجوباً ولا استيفاءً، وأما الكفارة فأعم منهما، فتجب مع كل واحد منهما، وقد تنفرد عنهما. وتجب الكفارة في القتل العمد، وشبه العمد، والقتل الخطأ.
يُنْظَر: الوسيط (٦/ ٣٩١)، روضة الطالبين (٩/ ١٢٢، ٣٨٠).
(٧) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٧/ ٨٤).
(٨) الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٨).
(٩) وفي (ب) (تعلق)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(١٠) يُنْظَر: البناية شرح الهداية (١٣/ ٦٨).
(١١) وفي (ب) (لينسب).
(١٢) وفي (ب) (الفعل)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(١٣) سورة المائدة من الآية (٢).