للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[أجرة المغصوب للمالك عند الشافعي]]

وأمّا على قول الشافعي (١) (٢) - رحمه الله-: الغاصب إذا آجر المغصوب كان الأجر للمالك (٣)، وهي فرع مسألة إتلاف المنافع)، كذا في «الجامع الصغير» (٤) لقاضي خان.

(والملك الْمُسْتَنِدُ ناقص)؛ لأن الملك ثابت فيه من وجه دون وجه؛ ولهذا يظهر في حق القائم دون الفائت، وحصل من هذا أن الدراهم الحاصلة للغاصب بسبب استغلال المغصوب [مِلك الغاصب حتى لو أتلفها لا ضمان عليه للمغصوب] (٥) منه؛ لأن هذا الأجر بدل (٦) منفعة العبد، فلو استهلك الغاصب منفعة العبد، فَإِنْ استعمله في عمل من الأعمال لا يَضمن، فكذا إذا استهلك بدلها، إلى هذا أشار في «الذخيرة» (٧)، وهذا الذي ذكره فيما إذا آجره الغاصب.

[[لا ضمان على الغاصب إذا أتلف أجرة المغصوب]]

وأمّا إذا آجر العبد المغصوب نفسه، وسَلَّم عن العمل صحّت الإجارة، فإن أخذ العبد الأجرة، وأخذ الغاصب الأجر منه، وأتلفه فلا ضمان عليه عند أبي حنيفة (٨) - رحمه الله-، وقالا (٩): يجب عليه الضمان، وإن كان الأجر قائمًا كان للمالك أخذه بالإجماع (١٠)؛ هما يقولان: إنّه أتلف مال الغير من غير تأويل فيجب الضمان، ولا شك أن الأجر مال الغير، وهو مولى العبد؛ لأنّه كَسْب عبده، وكسب العبد تبع للرقبة، فيكون لمالك الرقبة؛ ولأبي حنيفة (١١) - رحمه الله- أن الكسب مال المالك، لكنّه لا عِصمة له في حق الغاصب بعد الغصب، فأشبه نصاب السرقة بعد القطع؛ وذلك لأن العصمة تثبت بيد حافظة إما بنفسه، أو بيد نائبه، ويد المالك لم تثبت على هذا المال، ويد الغاصب ليست يد المالك؛ فإن قيل: يد العبد يد الموْلَى، والكسب في يد العبد، فيصير (١٢) كأنّه في يد الموْلَى، قلنا: العبد في يد الغاصب حتى كان مضمونًا عليه، وإذا كان العبد في يد الغاصب لم يكن العبد مُحرَّزًا (١٣) وحافظًا نفسه عن الغاصب، فلا يكون مُحرَّزًا وحافظًا ما في يده أيضًا (١٤)، وكذلك قلنا: إن كسب المبيع قبل القبض غير مضمون على البائع بالاتفاق (١٥)، فكذا هنا، أو نقول الأجر بدل منفعة العبد، فلو استهلك الغاصب منفعة العبد لا يضمن، فكذا إذا استهلك بدلها كذا في «الذخيرة» (١٦).


(١) انظر: الأم للشافعي (٣/ ٢٥٤)، تحفة المحتاج (٦/ ٢٩)، نهاية المحتاج (٥/ ١٧٠).
(٢) وبقول الشافعي قال أحمد. وقال مالك: (ليس على الغاصب شيء) انظر: المدونة (٤/ ١٨٠)، الذخيرة للقرافي (٨/ ٣١٤)، المغني لابن قدامة (٥/ ٢٠٣).
(٣) سقطت في (أ).
(٤) انظر: مخطوط الجامع الصغير (٢/ ١٤١/ أ)، بدائع الصنائع (٧/ ١٥٠).
(٥) سقطت في (ع).
(٦) في (ع): زيادة (على).
(٧) انظر: المحيط البرهاني (٥/ ٥١٧).
(٨) انظر: بداية المبتدي (ص: ١٩١)، المحيط البرهاني (٥/ ٥١٧).
(٩) انظر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: ٤٤٥)، البناية شرح الهداية (١١/ ٢٠٠).
(١٠) انظر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: ٤٤٥)، المحيط البرهاني (٥/ ٥١٧)، العناية شرح الهداية (٩/ ١٤٠).
(١١) انظر: المحيط البرهاني (٥/ ٥١٧)، البناية شرح الهداية (١١/ ٢٠٠).
(١٢) سقطت في (ع).
(١٣) الحِرْزُ: الموضع الحصين. الصحاح مادة (ح ر ز) (٣/ ٨٧٣)، المغرب مادة (ح ر ز) (ص: ١١١).
(١٤) سقطت في (ع).
(١٥) انظر: المحيط البرهاني (٥/ ٥١٧).
(١٦) انظر: المحيط البرهاني (٥/ ٥١٧)، الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: ٤٤٥).