للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[العبد الآبق]]

(وإذا أبق عبد لمسلم … ) إلى آخره.

والعبد، بأنْ كان العبد لمسلمٍآبقًا فَيء، فإنَّه إذا كان لذمِّي فالحكم كذلك، فإنَّه ذكر الإمام أبو اليُسر في غنى الفقهاء (١): العبد المسلم لمسلم أو لذمِّي إذا أبق إلى دار الحرب وأخذه الكفار (٢)، لم يملكوه عند أبي حنيفة، حتى أنَّ مولاه متى وجد في يد إنسان بعد ذلك يأخذه بغير شيء.

وقال أبو يوسف ومحمد: يملكونه (٣)؛ حتَّى لو وجَدَه المسلِم في يَد مَن استولى عليه بعدما أَسلم أو صَار ذمِّيًا، لا يأخذه منه؛ ولو وَجدُوه في يدِ غانم أو متملِّك بغير عوض يأخُذه بالقيمة.

لأبي حنيفة أنَّه آدمي ذو يد معتبرة بالإجماع حتَّى إذا أُودِع العبدُ وديعةً لم يكن لمولاه حقُّ القبض. فإنْ قالوا: الخلاف في عبد مسلم آبِق، أو في عبد مسلم ارتدَّ ولَحِق بدار الحرب، وفي عبد كافر لمسلم آبق خلاف واحدً، [فنقول] (٤): لا كذلك، بل المرتدّ يملكه الكفّار. وأمّا العبد الكافر، فهو ذمي تَبَعًا لمولاه وما بطلت الذِّمة باللُّحوق بدار الحرب، فلا يملكه الكفار. هكذا كان مكتوبًا بخطّ شيخي مُحال إلى غنى الفقهاء.

وذكر في طريقة مجد الأئمة السرخكي (٥): العبد إذا كان ذميًا ففيه قولان، وأمَّا إذا كان مرتدًا فأبق ولَحِق بدار الحرب يملكه الكفار بالإجماع (٦).

(لأنَّ سقوط اعتباره) أي: اعتبار يد العبد.

(فظهرت يده على نَفسه) لأنَّه حين دخل دار الحرب، فقد زالت يد المولى عنه، لا إلى من يخلفه، فيصير في يد نفسه وهي يد محترمةلأنَّه مسلم، يمنع ذلك إحرازًا لمشركين إياه وبدون الإحراز لا يملكونه.

فإن قيل: كيف تَظْهر يَد العَبد عَلى نفسِه، وقَد خلف يد المولى يد الكفرة بدون واسطة فور فوت يد المولى لأنَّ دار الحرب في أيديهم؟ قلنا: "لأنَّ بين الدَّارين حدًّا لا يكون في يد أَحَد، وعند ذلك تظهر يد العبد على نفسه؛ ولأنّ يد الدار/ يد حُكمية، ويد العبد يد حقيقية، فلا تندفع بيد الدار" (٧)؛ إلى هذا أشار فخر الإسلام.


(١) نصّ البداية: "لم يملكوه عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يملكونه". ينظر الهداية في شرح بداية المبتدي (٢/ ٣٩٤).
(٢) ينظر بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٧/ ١٢٨)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ٢٦٣).
(٣) ينظر المبسوط للسرخسي (١١/ -٢٩ ٣٠)، شرح السير الكبير (ص: ١٣٠١).
(٤) في (أ) "فيقول"، وما أثبت من (ب).
(٥) هو مجد الأئمة، أبو بكر: محمد بن عبد الله. المتوفى: سنة ٥١٨.
كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (١/ ١٦٤).
(٦) ينظر فتح القدير (٦/ -١٢ ١٣)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٥/ ١٠٦).
(٧) ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ١٢)، البناية شرح الهداية (٧/ ١٩٧)، وقالا فيه نظر.