للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بخلاف [المتردِّد] (١) أي: في دار الإسلام؛ لأنَّ يد المولى باقية في حقِّه حكمًا، "ولهذا لو وَهَبه لابنه الصّغير صار قابضًا له، فبقاء المانع حكمًا يمنع ثبوت اليد له في نفسه فيتم إحراز المشركين إياه. وأمَّا الآبق إلى دار الحرب، فلا يكون في يد مولاه حكمًا حتى لو وهبه لابنه الصغير لا يجوز؛ هكذا ذكره أبو الحسين قاضي الحرمين (٢) عن أبي حنيفة" (٣)، كذا في المبسوط والأسرار.

قوله: (يؤدِّي عِوَضه) أَي: فيما إذا وَجده المالك في يدِ مَن وقع في سهمه في الغنيمة بعد القسمة يؤدِّي الإمام عوضه إلى من أخذ منه المالك من بيت المال. وأمَّا في الصُّور الثلاث، وهي ما إذا كان موهوبًا أو مشترىً أو مغنومًا قبل القسمة، فلا يؤدِّي عوضه. وأمَّا في الشِّراء، فإنَّما لا يغرم للمشتري شيئًا مما قد أدَّى لأنَّه فَدى ملكه بغير أمره، إلا أن يكون أمره بالفداء، فحينئذٍ يرجع عليه بما (٤) أدَّى. وعندهما يأخذه منه بالثمن، إنْ شاء، كما في العبد المأسور بالاتفاق، ثم إنّما يعوِّضه مِن بيت المال في المغنوم بعد القسمة لأنَّ نصيبه استُحِقَّ، فله أن يرجع على شركائه في الغنيمة، وقد تعذّر ذلك لتفرقهم، فيعوِّضه من بيت المال لأنَّ هذه من نوائب المسلمين، ومال بيت المال معدٌّ لذلك؛ ولأنَّه لو فضل من الغنيمة شيئًا يتعذّر قسمته كالجوهرة ونحوها، يوضع في بيت المال، فكذلك إذا لَحِق غُرم يجعل ذلك فيء (٥) على بيت المال لأنَّ الغُرم يقابَل بالغُنم. وهكذا على أصل الكلِّ إذا كان المأسور مدبرًا أو أم مكاتبًا أو أم ولد، فإنَّ المالك القَديم يأخذُه بِغَير شَيءٍ بَعد القسمة، ويعوِّض الإمام لمن وَقع في سهمه قيمته من بيت المال لما قُلنا (٦)؛ كذا في المبسوط.

(وليس له) أي: للغَازي أو للتَّاجر (لأنَّه عامل لنفسه)، والجُعل (٧) إنَّما يجب إذا أخذه الآخِذ على قصد الرَّد إلى مالكِه.


(١) في (أ) "المرتد"، والصّحيح ما أثبته. ينظر الهداية في شرح بداية المبتدي (٢/ ٣٩٤).
(٢) هو أحمد بن محمد بن عبد الله، القاضي أبو الحسين النيسابوري الحنفي، قاضي الحرمين وشيخ الحنفية في زمانه. ولي قضاء الحرمين بضع عشرة سنة، ثم قدم نيسابور وتقلّد قضاءها، وبها توفي سنة ٣٥١ هـ. ينظر تاريخ الإسلام ت بشار (٨/ ٢٨)، سير أعلام النبلاء (١٦/ ٢٥ - ٢٦)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (٢/ ٢٤٩).
(٣) المبسوط للسرخسي (١٠/ ٥٦)، ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ١٢).
(٤) في (ب) "مما".
(٥) ساقط من (ب).
(٦) ينظر المبسوط للسرخسي (١٠/ ٥٦).
(٧) الجعل والجعالة، والجعيلة: التزام عِوض معلوم على عمل معلوم أو مجهول يعسر ضبطه.
وقيل: والجعل، والجعالة، والجعيلة: ما يعطاه الإنسان على أمر يفعله.
اصطلاحا: أنْ يجعل- جائز التصرف- شيئًا- متمولا معلوما لمن يعمل له عملًا معلومًا- كَردّ عبده في محل كذا أو بناء حائط كذا.
وقيل: عقد معاوضة على عمل آدمي بعوض غير ناشئ عن محله به لا يجب إلّا بتمامه. معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية (١/ ٥٣١).