للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشَّافعي -رحمه الله- يقول: لا إجماع. ويستدلُّ بالحديث الذي ذُكِر عن أبي جعفر محمد بن علي قال: "كان رَأي علي -رضي الله عنه- في الخُمُس رأي أهل بيته، ولكنْ كَرِه أن يخالف أَبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- ". قال: والإجماع بدون أهل البيت لا ينعقِد، ولكنَّا نقول: ليس في هذا الحديث بيان مَن كان يرى ذلك من أهل البيت، وقد كان فيهم مَنْ لا يكون قولُه حجَّة، وإنما كره عليٌّ هذه المخالفةلأَّنَّه رأى الحجَّة معهما، فقد خالفهما في كثير من المسائل حين ظَهر الدَّليل عنده، وهذا لأنَّه كان مجتهدًا، ولا يحلُّ للمجتهد أنْ يدع رأي نفسِه برأي مجتهدٍآخر احتشاما له" (١).

ثم وجدتُ بخطِّ شيخي في تحقيق قولنا: (وسهم ذوي القربى كانوا يستحقونه في زمن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- بالنصرة) "أن النَّبي -عليه الصلاة والسلام- أعطى بني المطلب وحرم بني أمية" (٢)، وهم إليه أقرب لأنَّ أمية أخو هاشم لأبِيه وأمِّه، والمطلِّب أخوه لأبيه، ولو كان الاستحقاق بالقرابة لكان بنو أمية أولى.

[[ما لا يخمس]]

(في الأصناف الثلاثة) أي: في اليتامى والمساكين وأَبناء السَّبيل.

(وإذا دخل الواحد أو الاثنان دار الحرب مُغِيرِينَ).

ولفظ "مغيرين" على لفظ الجمع بِدليل قوله: (فأخذوا)، مكان هذا نظير قوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} [النساء: ١٣٥] في ردِّ الضَّمير إلى المعطوف والمعطوف عليه جميعًا في كلمة "أو"، وإِنْ كانت هي مقتضى أَحد الشيئين.

(إذ لو خَذَلهمكان فيه وَهَن المسلِمين) يقال: خَذَله خَذْلًا وخِذلانًا أَي: تَرك عونَه ونصرتَه من حدِّ نَصَر، والله أعلم.

[فصل في التنفيل]

التَّنفيل نوع من أنواعِ قسمة الغَنائم، فلذلك أَلحقَهُ بها؛ يقال: نفّل الإمام الغازي، أي: أعطاه زائدًا على سِهمه بقوله: (من قتل قتيلا فله سلبه).

وذكر في السِّيَر الكبير: النَّفْل في أصل الوَضع الغنيمة، ومنه/ قول القائل:

إنَّ تقوى ربنا خَير نفل (٣)

وقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} [الأنفال: ١]، أي: الغنائم (٤).


(١) المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٠ - ١١).
(٢) قال الشافعي في "الرسالة": "فقسم النَّبي -صلى الله عليه وسلم- سهم ذوي القربى في بني هاشم، وبني المطلب، ولم يعط الآخرين شيئًا، وإن كانا أخوي هاشم والمطلب؛ لأجل الفرق الذي ذكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو: أن بني هاشم وبني المطلب شيء واحد، ولم يفارقوهم في جاهلية ولا إسلام، وحلوا معهم في الشعب دون بني أمية بن عبد شمس وبني نوفل. ينظر البدر المنير (٧/ ٣١٩).
(٣) هو شطر من بيت للبيد بن ربيعة.
إنَّ تَقْوَى رَبِّنَا خَيرُ نَفَلْ … وبإذْنِ اللّهِ رَيْثي وعَجَلْ.
ديوان لبيد بن ربيعة العامري (ص: ٩٠).
(٤) ينظر السير الكبير (٢/ ٥٩٣).