للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قال الغاصب: قد ماتت أو بِعْتُها (١)، ولا أقدر عليها تلوّم القاضي في ذلك زمانًا، ولم يُعَجِّل بالقضاء بالقيمة؛ لأن بقضائه يتحوّل الحق (٢) من العين إلى القيمة، وفيه نوع ضرر على صاحبها، فعين الملك مقصودة لصاحبها كماليته، وربما يتعلّل الغاصب بذلك لتُسلّم العين له عند أداء القيمة؛ فلهذا لا يُعجِّل بالقضاء بها، وليس لمدة التلوم مقدار، بل ذلك موكولٌ إلى رأي القاضي؛ لأن نصب المقادير بالرأي لا يكون (٣)، وهذا التلوّم إذا لم يرضَ المغصوب منه بالقضاء بالقيمة له.

[[الأفضل تلوم القاضي رجاء أن يظهر المغصوب]]

وأما إذا رضي بذلك، أو تلَّوم القاضي فلم يقدر على الجارية، فإن اتفقا على قيمتها على شيء، أو أقام المغصوب منه البينة على ما يدّعي من قيمتها قضى القاضي بذلك).

[[غصب المنقول]]

وفي «الذخيرة» (٤) ذكر في السِّير (٥): أن الغاصب إذا غصب المغصوب، فالقاضي يقضي عليه بالقيمة من غير تلوُّم، وذكر في غصب الأصل (٦): إذا غيَّب المغصوب فالقاضي يتلوم يومين أو ثلاثة على قدر ما يرى رجاء أن يظهر المغصوب، فقيل: ليس في المسألة روايتان، ولكن ما ذكر في السير جواب الجواز معناه: أن القاضي إذا قضى بالقيمة في الحال ولم يتلوم يجوز، وما ذكر في الغصب جواب الأفضل يعني: الأفضل أن يتلوم يومين أو ثلاثة وقيل: في المسألة روايتان.

[[غصب العقار]]

وقوله: (والغصب) مبتدأ، وقوله (فيما يُنْقل ويُحوَّل) خبره أي: الغصب ثابت (٧)، أو متحقق فيما يُنقل ويُحوَّل، والدليل عليه ما ذكره بعده بقوله (لأن الغصب بحقيقته يتحقق فيه، وإذا غصب عقارًا) (فالعقار الضيعة، وقيل: كل مال له أصل من دار أو ضيعة) كذا في «المغرب» (٨).


(١) في (أ): (عتقها) وما أثبت هو الصحيح. انظر: البناية شرح الهداية (١١/ ١٩٠).
(٢) في (أ): (العين) وما أثبت هو الصحيح. انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٦٦).
(٣) انظر: أصول السرخسي (٢/ ١١٠)، كشف الأسرار (٣/ ٢٢٠).
(٤) انظر: المحيط البرهاني (٥/ ٥٢٤)، البناية شرح الهداية (١١/ ١٩٠).
(٥) انظر: شرح السير الكبير (ص: ٩٥٧).
(٦) انظر: الأصل للشيباني (١٢/ ١٢٣)، العناية شرح الهداية (٩/ ٣٢٣).
(٧) سقطت في (ع).
(٨) المغرب مادة (ع ق ر) (ص: ٣٢٣)، وانظر: الصحاح مادة (ض ي ع) (٣/ ١٢٥٢)، مادة (ع ق ر) (٢/ ٧٥٤).