للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فيما لا يجب الجزاء بقتله]

إلى أن قال: لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «خمس من الفواسق» (١).

فإن قلتَ: ما وجه إعمال هذا الحديث، وهو خبر واحد في تخصيص عموم قوله تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} (٢)، فهو بإطلاقه يتناول الصيود المؤذية، وغير المؤذية فلا يصح تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد ابتداء لما عرف.

قلتُ: خصّ هذا العام ابتداء بالنص القطعي، وهو قوله: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} (٣)، لما أنه لما جهل التاريخ يجعل كأنهما ورد معاً، فيجعل مخصصاً فبعد ذلك يجوز تخصيصه بالقياس، فكيف بالخبر الواحد؟ أو نقول: وهو الوجه الأصح: أن هذا الحديث حديث مشهور وليس بخبر الواحد، كذا ذكره في «الأسرار» (٤)، فيجوز الزيادة على كتاب الله تعالى بالحديث المشهور، وذكر في «المغرب» (٥) الفسوق: الخروج من الاستقامة سميت هذه الحيوانات الخمس فواسق استعارة [لخبثهن] (٦)، وقيل: لخروجهن من الحرمة، بقوله: «خمس لا حرمة لهن» (٧) وقيل: أراد بتفسيقها تحريم أكلها لقوله تعالى: {ذَلِكُمْ فِسْقٌ} (٨)، بعدما ذكر ما حرم من الميتة، والدم.

قوله: (والكلب العقور (٩) (١٠).

ذكر في فتاوى القاضيين لا فرق في الكلب بين العقور وغيره (١١)، كذا ذكر بعد هذا في الكتاب بقوله: (وعن أبي حنيفة -رحمه الله-).


(١) أخرجه البخاري كتاب الحج (٢٥) باب مايقتل المحرم من الدواب (٧) حديث رقم (١٨٢٨)، وأخرجه مسلم كتاب الحج (١٥) باب مايندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم (٩) حديث رقم (٦٦/ ١١٩٨).
(٢) سورة المائدة من الآية (٩٥).
(٣) سورة المائدة من الآية (٩٦).
(٤) انظر: الأسرار (ص ٣٠٥).
(٥) انظر: المغرب في ترتيب المعرب (١/ ٣٦١).
(٦) أثبته من (ب)، وفي (أ) لجبنهن ولعل الصواب ما أثبته لموافقته كتب اللغة، انظر: لسان العرب (١١/ ١٨٢).
(٧) أخرجه أحمد في مسنده: برقم (٤٥٤٣) عن سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه، قال: سئل النبي
- -صلى الله عليه وسلم-، عما يقتل المحرم من الدواب فقال: " خمس لا جناح في قتلهن على من قتلهن في الحرم: العقرب والفأر والغراب والحدأة والكلب العقور "، (٨/ ١٤٣).
(٨) سورة المائدة من الآية (٣).
(٩) انظر: بداية المبتدي (١/ ٥٣).
(١٠) الكلب العقور الذي من شأنه العدو على الناس، وعقرهم ابتداء، ولايكاد يهرب من بني آدم، وفي الفتح: الكلب العقور يقال لكل عاقر حتى اللص القاتل.
انظر: البدائع، (٢/ ٤٢١)، الفتح (٣/ ٨٢).
(١١) أي أن الكلب العقور، وغير العقور، والمستأنس منه، والمستوحش سواء.
انظر: الهداية (١/ ١٧٢)، الفتح (٣ م ٨٣٩، العناية (٣/ ٨٣)، تبيين الحقائق (٢/ ٦٦)، البحر (٣/ ٣٦). قيل: وفيه نظر؛ لأنه يفضي لأبطال الوصف المنصوص عليه، وهو كونه عقورا، والجواب: أنه ليس للقيد؛ بل لإظها نوع أذاه فإن ذلك طبع فيه. انظر: العناية (٣/ ٨٣)، البناية (٣/ ٧٥٣).