للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إذا استأجر رب الدار العَمَلَة]

وقوله: (وَلَو اسْتَأْجَرَ رَبُّ الدَّارِ الفَعَلَةَ (١) إلى آخره.

قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: هو على وجوه: إن قال مُخرج الجناح للأجراء: ابنوا جناحاً على فناء التي (٢) فإنه ملكي أو لي حق إشراع الجناح [ … ] (٣) القديم ولم تعلم العملة بخلاف ما قال، ثم سقط فأصاب شيئاً فالضَّمان على الأجراء، ويرجعون بالضَّمان على الآمر قياساً واستحساناً، سواء سقط قبل الفراغ من العمل أو بعده؛ لأنَّ الضَّمان وجب على العامل بأمر الآجر فكان له أن يرجع به عليه كما لو استأجر رجل غيره ليذبح له شاة ثم اسْتُحِقَّت الشَّاة بعد الذَّبح فللمستحق أن يُضَمِّن الذابح ويرجع الذابح به على الآمر كذا هذا (٤).

وإن قال المستأجر للأجراء: أشرعوا لي جناحاً على فناء التي (٥) وأخبرهم أنَّه ليس له حق إشراع الجناح في القديم أو لم يخبرهم حتى بنوا جناحاً بأمره ثمَّ سقط فأتلف شيئاً إن سقط قبل فراغهم من العمل فالضَّمان على الأجراء لم يرجعوا على الآمر قياساً واستحساناً وإن سقط بعد الفراغ من العمل.

فكذلك على جواب القياس؛ لأنَّ المستأجر أمر الآجر أما (٦) لم يملك مباشرته بنفسه وقد عملوا بفساد الآجر فلم يحكم بالضَّمان على المستأجر كما لو استأجر ليذبح شاةَ جارٍ له فذبح ثم ضمن الذَّابح للجار لم يرجع به على الآمر.

وكذا لو استأجرهم ليبنوا بناء في وسط الطَّريق ثم سقط فأتلف شيئاً لم يرجعوا به على الآمر وفي الاستحسان يكون الضَّمان على الآمر؛ لأنَّ هذا الأمر صحيح من حيث إنَّ فناء داره مملوك له من وجه على معنى أنَّه يباح له الانتفاع بشرط السَّلامة ولكن غير صحيح وغير مملوك من حيث إنَّه لا يجوز بيعه فمن حيث إنَّ الأمر صحيح يكون قرار الضَّمان على الآمر بعد الفراغ من العمل ومن حيث إنَّه فاسد يكون الضَّمان على العامل قبل الفراغ من العمل عملاً بهما وإظهار شبَهِ الصحَّةِ بعد الفراغ من العمل أولى من إظهاره قبل الفراغ؛ لأن أمر الآمر إنَّما صح من حيث إنه يملك الانتفاع بفناء داره وإنَّما تحصل له المنفعة بعد الفراغ من العمل فلذلك كان إظهار شبه الصحَّة بعد الفراغ أولى من إظهاره قبل الفراغ كذا ذكره الإمام المحبوبِيُّ -رحمه الله- (٧).


(١) بداية المبتدي (٢٤٨).
(٢) كذا في (أ)، والكلام غير مستقيم، والصواب (داري) كما في العناية شرح الهداية (١٥/ ٣٣٤).
(٣) غير واضحة في (أ)، ولعلها (من)، كما في تبيين الحقائق، وتكملة البحر الرائق.
(٤) يُنْظَر: تبيين الحقائق (٦/ ١٤٤)، تكملة البحر الرائق (٨/ ٣٩٦).
(٥) كذا في (أ)، والكلام غير مستقيم أيضا، والصواب (داري) كما في العناية شرح الهداية (١٥/ ٣٣٤).
(٦) كذا في (أ)، والكلام غير مستقيم أيضا، والصواب (بما) كما في العناية شرح الهداية (١٥/ ٣٣٤).
(٧) يُنْظَر: تبيين الحقائق (٦/ ١٤٤)، العناية شرح الهداية (١٥/ ٣٣٤)، تكملة البحر الرائق (٨/ ٣٩٦).