للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحاصل مسألة الحائط المائل في الضَّمان تنبني على علَّةٍ ذات وصفين وهما: التقدم إلى صاحب الملك، وبقاء الملك، فيما باع انعدم أحد الوصفين فلم يكن موجباً للضَّمان.

وذكر في «المبسوط» في مسألة إشراع الجناح: لأنَّ البائع كان جانياً بوضع الجناح لا باعتبار الملك، وبالبيع لم ينفسخ حكم فعله؛ لأنَّه لم ينزع الموضع الذي شغله بما أحدثه فبقي ضامناً على حاله.

ألا ترى أنَّه لو وضع الجناح في غير ملكه كان ضامنًا لما يتلف به فلمَّا كان عدم الملك لا يمنع انعقاد سبب الضَّمان.

فكذلك لا يمنع بقاؤه ولا شيء على المشتري لأنَّه ما أحدث في الطَّريق شيئاً (١).

[[إذا حركت الريح الجمر]]

(وَلَو حَرَّكَتْهُ الرِّيْحُ إِلَى مَوضِعٍ آخَرَ ثُمَّ أَحْرَقَ شَيْئاً لا يَضْمَنَهُ (٢) أي: ولو حركت الريح عين الجمر، وإنَّما قيَّد به؛ لأنَّ عند بعض أصحابنا: أنَّ الريح إذا هَبَّت بشررها فأحرقت شيئاً فإنَّ الضَّمان عليه في ذلك؛ لأنَّ الريح إنَّما ذهبت بشررها ولم تذهب بعينها فالعين باق في مكانه فكانت الجناية باقية فكان ضمان ذلك عليه، (وَقِيلَ: إِذَا كَانَ اليَومُ رِيْحاً يَضْمَنُهُ (٣) هذا اختيار شمس الأئمة السَّرَخْسِيِّ -رحمه الله- (٤).

وكان شمس الأئمة الحلواني: لا يقول بالضَّمان من غير تفصيل كذا في «الذَّخيرة» (٥).

(وَقَدْ أَفْضَى إِلَيْهَا (٦) أي: إلى عاقبته وهي الحرق بواسطة الريح فلا ينفسخ حكم فعله بالانتقال من موضع إلى موضع؛ لأنَّه كان عالماً به بمنزلة الدَّابة التي جالت في رباطها كذا في «المبسوط» (٧).

(الفَعَلَةَ (٨) (٩): جمع الفاعل كالقَتَلة في جمع القاتل (١٠).


(١) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٧/ ٧).
(٢) بداية المبتدي (٢٤٨).
(٣) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٢).
(٤) قال الإمام السرخسي في المبسوط (٢٧/ ٢٣): فهو ضامن استحسانا بمنزلة من صب الماء في ميزاب له وتحت الميزاب متاع لإنسان يفسد به.
(٥) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٧/ ٢٣)، تبيين الحقائق (٦/ ١٤٤)، العناية شرح الهداية (١٥/ ٣٣١)، البناية شرح الهداية (١٣/ ٢٣٣)، مجمع الأنهر (٤/ ٣٦٤)، الفتاوى الهندية (٦/ ٤٧).
(٦) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٢).
(٧) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٧/ ٨).
(٨) بداية المبتدي (٢٤٨).
(٩) وفي بعض نسخ الهداية (العَمَلَة).
(١٠) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٣٣٤)، البناية شرح الهداية (١٣/ ٢٣٣).