للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[في جواز الوكالة بالخصومة في سائر الحقوق]

«وتجوز الوكالة بالخصومة في سائر الحقوق» (١)؛ أي: في جميعها.

وذكر في الصحاح وسائر الناس؛ أي: جميعهم وسار الشيء: لغةً في سائره (٢)؛ أي: جميعه لما قدمنا، وهو قوله: «لأن الإنسان قد يعجز عن المباشرة بنفسه» (٣) وما ذكره من حديث التوكيل.

«وقد صَحَّ أن عليًا وكَّل عقيلًا -رضي الله عنهما-» (٤)؛ أي: في الخصومات.

«وإنما كان يختار عقيلًا (٥)؛ لأنَّه كان ذكيِّا حاضر الجواب، حتى حُكِي أن عليًا -رضي الله عنه- استقبله يوماً، ومعه عنز له، فقال علِّي على سبيل الدعابة: أحد الثلاثة أحمق، فقال عقيلٌ: أما أنا وعنزي فعاقلان، فلما كَبُر عقيل، وأسنَّ، وكَّلَ عبد الله بن جعفر الطيَّار (٦)؛ إمَّا لأنه وقَّره لكبر سنه، أو لأنه انتقص ذهنه، فوكَّل عبد الله بن جعفر، وكان شابًا ذكيًا». كذا في المبسوط (٧).


(١) الهداية (٣/ ١٣٦).
(٢) الصحاح للجوهري (٢/ ٦٩٢).
(٣) الهداية (٣/ ١٣٦).
(٤) الهداية (٣/ ١٣٦).
والأثر عن علي عن عبد الله بن جعفر قال: «كان على بن أبى طالب -رضي الله عنه- يكره الخصومة فكان إذا كانت له خصومة وكل فيها عقيل بن أبى طالب فلما كبر عقيل وكلني».
أخرجه: البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٨١)، رقم (١١٧٦٩).
(٥) عقيل بن أبي طالب الهاشمي ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أبو يزيد، وأبو عيسى، أخو على وجعفر وطالب لأبيهم، كان طالب أسن من عقيل بعشر سنين، وعقيل أسن من جعفر بعشر سنين، وجعفر أسن من على بعشر سنين، حضر بدرًا مع المشركين مكرهًا، وأسر يومئذ ففداه عمه العباس، هاجر سنة ثمان، وشهد غزوة مؤتة، وكان من أنسب قريش وأعلمهم بآبائها وأيامها، وكان سريع الجواب المُسْكِت للخصم، توفي في خلافة معاوية، وقد كف بصره، ودُفن بالبقيع.
ينظر: تهذيب الأسماء واللغات (١/ ٣٣٧)، سير أعلام النبلاء (٣/ ٩٩).
(٦) عبد الله بن جعفر بن أبي طالب القرشي الهاشمي، أبو جعفر أول مولود ولد في الإسلام بأرض الحبشة، وقدم مع أبيه المدينة، وحفظ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وروى عنه، كان عبد الله ابن جعفر كريماً، جواداً، ظريفاً، خليقاً، عفيفاً، سخياً يسمى بحر الجود، ويقال: إنه لم يكن في الإسلام أسخى منه، وتوفي بالمدينة سنة ثمانين، وهو ابن تسعين سنة.
ينظر: الاستيعاب (٣/ ٨٨١)، سير أعلام النبلاء (٣/ ٤٥٦).
(٧) المبسوط (١٩/ ٣).