للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في المبسوط: "وإنْ اشترى الحربي المستأمِن أرضَ خراج فزرعها، يوضَع عليه خراج الأرض والرَّأس. أمَّا خراج الأرض فإنَّه مُؤْنة الأرض النَّامية، وقد تقرَّر ذلك في حقِّه حين استَغَلَّ الأرض، ثم بالْتزام خراج الأرض صار راضيًا بالتزام أحكام دار الإسلام، فيكون بمنزلة الذِّمِّي؛ لأنَّ الذمِّي ملتزِم أحكام الإسلام فيما يرجع إلى المعاملات، والالتزام تارة يكون نصًا وتارة يكون دلالة" (١).

(فيَتخرَّج عليه) على بناء الفاعل (أحكامٌ جمَّة)، وهي المنع من الخروج إلى دار الحرب، وجَريانُ القِصاص بينه وبين المسلم، ووجوبُ الضَّمان في إتلاف خَمْرِه وخنزيره، ووجوب الدِّية لقتْله خطًا. وهذه الأحكام إنَّما (٢) تثبُت بَعد كونِه ذمِّيًا لا قبله، وبوضْع الخراج يكون ذمِّيًا، فكذلك يجب أنْ لا يُغفل عن شرط الوضع.

[[زواج الحربية من الذمي]]

والضمير في (عنه) في قوله (فلا يغفل عنه (٣) راجع إلى شرط الوضع.

(فَتزوَّجت ذمِّيًا صارت ذمية) فيُجرى عليها أحكام أهل الذِّمَّة من وضع الخراج في أرضها، ومنع الخروج إلى دار الحرْب وغيرهما.

(لأنَّ حكم الأمان باقٍ في ماله (٤) فيُردُّ عليه أو على (٥) وَرَثتِه) لأنَّ يدَالْمُودِعِ كيد الْمُودَعِ، فلمَّا لم يصِرْ/ نفس المودَع وماله مغنومًا ما لم تصِر وديعته مغنومة أيضًا تبعًا للمودَع لِما أنَّ يد الْمُودِعِ كيده.

فإنْ قيل: ينبغي أنْ يصير فَيئًا كما إذا أسلم الحربي في دار الإسلام وله وديعةٌ عند مسلم في دار الحرب، ثم ظُهِر على دار الحرب يكون فيئًا، فلا يكون يد المُودَع كيد المُودِع في تلك المسألة.

قلنا: يد المُودَع كيد المالك من وجه دون وجه، والعصمة ما كانت ثابتة في تلك المسألة لِما أنَّ دار الحرب لَيست بدار عصمة؛ فلا (٦) تصير معصومةً بالشَّك. وأمّا ههنا العصمة كانت ثابتة وقت الإيداع، ولم يُظهَر على دار الحرب، فكانت العصمة باقيةً كما كانت إذ دار الإسلام دار العصمة (٧)؛ إلى هذا أشار الإمام قاضي خان.


(١) المبسوط للسرخسي (١٠/ ٨٤).
(٢) ساقط من (ب).
(٣) أي: عن شرط الخراج.
(٤) في (أ) "ملكه"، والصحيح ما أثبته. ينظر الهداية في شرح بداية المبتدي (٢/ ٣٩٧).
(٥) ساقط من (أ)، والصّحيح ما أثبته. ينظر الهداية في شرح بداية المبتدي (٢/ ٣٩٧).
(٦) في (ب) "ولا".
(٧) ينظر البناية شرح الهداية (٧/ ٢١٠).