للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فلأنَّ القضاء) أي: حكم القاضي.

(ولا وقت القضاء على المستأمن؛ لأنَّه ما التزم أحكامَ الإسلام فيما مضى من أفعاله) وكما لا يُقضَى على الحربي، لا يُقضَى على المسلم أيضًا تحقيقًا للتَّسوية.

(وأما الغَصْب) فلأنَّ مال كلِّ واحدٍ منهما كان مباحًا وقتَ الغَصْب في حقِّه، فملكُه بالأخذ إلا أنَّ الغاصب إنْ كان هو المسلِم يُفتَى برَدِّ المغصوب على المالك، ولا يُقضَى عليه؛ لأنَّه لما دخَل دارهم بأَمان التزم أنْ لا يغدِر بهم، وفي أخذ مالهم على هذا الوجه غَدر وخيانة، فيُؤمَر بالردِّ ديانةً. وكذلك لو فعلا ذلك وهما حَربيانِ ثُمَّ خرجا مسلمَين أو مستأمِنَينِ، فهذا والفصل الأَّول سواء (١)؛ كذا ذَكَره الإمام قاضي خان.

(صار ملكًا للذي غَصَبه) أي (٢): سواء كان الغاصب كافرًا في دار الحرب أو مسلِمًا مستأمنًا فيها.

(على ما بيَّنَّاه)، أمَّا غصب الكافر فقد ذكر في مسألة الاستيلاء بقوله: (وَلنا أنَّ الاستيلاء ورد على مال مباح … ) إلى آخره.

وأمَّا غصب المسلم ففيما إذا دخل الواحد أو الاثنان مُغيرين بغير إذن الإمام، فأخذوا شيئًا، فإنَّهم يملكونه.

(المداينة) (جيزي (٣) بفام بكسي فروختن (٤)، فلمَّا كانت المداينة بمعنى الإدانة التي ذكرنا، ذكر المداينة مقامَ الإدانة، إذ هذه تتميم تلك المسألة.

(فغصب حربيًا) أي: مال حربي (ثم خرجا (٥) مسلمَين أمر بردِّ الغصب، ولم يقض عليه)، وهذا الجواب غير مختصّ بخروجهما مسلمَين، فإنَّ الحربي إذا خرج مستأمنًا فغَصب (٦) مع المسلم الذي دخل دار الحرب مستأمِنًا، وقد كان غَصَب المسلم في دار الحرب، فالحكم كذلك على ما ذكرنا من رواية الإمام قاضي خان.

[[قتل المسلم صاحبه في دار الحرب]]

(وإذا دخل مسلمانِ … ) إلى أنْ قال (فعلى القاتل الدية في ماله) (٧)؛ أَي: في العمد والخطأ. هكذا ذكر من غير خلاف في عامّة النُّسخ من شروح الجامع الصغير. وذَكَر الإمام قاضي خان هذه المسألة في الجامع الصغير، وجعَل هذا الحكم قول أبي حنيفة ثم قال (٨): وقال أبو يوسف ومحمد: عليه القصاص في العَمد. لهما أنَّه قَتَل شخصًا معصومًا ليس من أهل دار الحرب، فيجِب ما يجب بقَتله في دار الإسلام. ولأبي حنيفة أنَّه تكثير سوادهم من وجه، ولو كان مكثِرًا سوادَهم مِن كل وجه بأنْ كان متوطِّنًا هناك لا يكون معصومًا. فإذا كان مكثَّرًا من وجه تمكنت الشُّبهة في قيام العِصمة، فلا يجب القصاص (٩).


(١) ينظر الفتاوى الهندية (٢/ ٢٣٢)، العناية شرح الهداية (٦/ ١٩ - ٢٠).
(٢) ساقط من (ب).
(٣) في (ب) "جرى".
(٤) جملة فارسية ترجمتها حرفيًا بمعنى: شيئ يعتمد على البيع المتزايد، أفادني بها الأستاذ/ أحمد فواز الحمير.
(٥) في (ب) "خرج".
(٦) ساقط من (ب).
(٧) نص الهداية: "إذا دخل مسلمان دار الحرب بأمان فقتل أحدهما صاحبه عمدًا أو خطًا فعلى القاتل الدّية في ماله"، الهداية في شرح بداية المبتدي (٢/ ٣٩٥).
(٨) ساقط من (ب).
(٩) ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ٢٠)، البناية شرح الهداية (٧/ ٢٠٥)، فتح القدير (٦/ ٢٠).