للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اليوم الثامن من ذي الحجة يوم التروية]

وفي «المبسوط» (١): وإنما سُمي يوم التروية؛ لأن الحاجَّ يروون فيه بمنى أو لأنهم يروون ظهورهم فيه بمنى، ففي هذه التسمية ما يدل على أنه ينبغي لهم أن يكونوا بمنى يوم التروية.

[مواقيت الوقوف بعرفة]

(ثُمَّ يتوجه إلى عرفات) (٢).

أي: ثُمَّ يتوجه من منى بعد صلاة الفجر يوم عرفة إلى عرفات.

(وأما لو دفع (٣) قبله جاز) أي: لو ذهب من منى إلى عرفات قبل طلوع الشمس بعد صلاة الفجر من يوم عرفة جاز، كان من حقه الكلام أن يقول: أما لو دفع قبل طلوع الشمس لما أنه لم يتقدم ذكر طلوع الشمس، ولكن اتّبع لفظ «الإيضاح» (٤)، ولكن ذكر هناك (٥) الضمير بعد ذكر طلوع الشمس، فقال في «الإيضاح»: قال: وإذا طلعت الشمس يوم عرفة [خرج] (٦) إلى عرفات؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- فعل كذلك، وإن وقع (٧) قبله جاز، والأول أولى.

(لأنه لا يتعلق بهذا المقام حكم).

[إن لم يتعلق بمنى في هذا اليوم حكم] (٨) من المناسك، فيجوز الذهاب قبل طلوع الشمس إلى عرفات للوقوف فيها، وهو الركن الأعظم، فإن قلتَ: لا شك أن الحكم الثابت بالعبارة أقوى من الحكم الثابت بالإشارة، وقد/ انعكس هذا في حق الوقوف بعرفة مع الوقوف بمزدلفة في قوله تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} (٩)، فما وجهه، ولو ثبتت ركنية الوقوف بعرفات بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «الحجُّ عرفة» (١٠)، وهو خبر واحد فكيف ثبتت به الركنية مع أن الوقوف بعرفات أعظم الركنين؟

[الوقوف بالمزدلفة ليس ركنا]

قلتُ: القوة والضعف من العبارة والإشارة إنما تظهر عند المعارضة، ولا معارضة هاهنا بينهما لا زمناً ولا مكانًا، فعند عدم المعارضة كل واحدة من العبارة والإشارة، والاقتضاء يوجب الحكم قطعًا لما عُرف، فلما دلت إشارة الكتاب على الوقوف ثُمَّة، وقد انعقد الإجماع على ركنيته ثبتت [الركنية] (١١)، فكان خبر الواحد داعيًا إلى ذلك الإجماع وعدم ركنية الوقوف بمزدلفة مع أنه ثبت بعبارة النص يجيء بعد هذا.


(١) انظر: المبسوط (٤/ ٥٢).
(٢) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٥)
(٣) دفع عن الموضع، أي: رحل عنه.
انظر: المصباح المنير (ص/ ١٩٦).
(٤) انظر: العناية شرح الهداية (٢/ ٤٦٨).
(٥) في (ج): هنا.
(٦) أثبته من (ج).
(٧) في (ب، ج): ذهب.
(٨) أثبته من (ب، ج).
(٩) سورة البقرة من الآية (١٩٨).
(١٠) في حديث عبدالرحمن بن يعمر رضي الله عنه (الحج عرفة فمن جاء جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج، أيام منى ثلاثة) أخرجه أبوداود: المناسك، باب (٦٩) من لم يدرك عرفة (٢/ ٤٨٥)، والترمذي الحج، باب (٥٧) ماجاء فيمن أدرك الإمام بجمع … (٣/ ٢٧٣)، وابن خزيمه (٤/ ٢٥٧)، وابن حبان (٦/ ٧٦)، والحاكم (٢/ ٢٧٨) وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، قال وكيع: هذا أم المناسك ذكر ذلك الترمذي. وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح" (٢/ ٨٢٩) برقم: [٢٧١٤].
(١١) أثبته من (ب).