للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كيفية الذبح]

(والذبح بين الحلق واللبة)، الحلق فأي كلو (١)، واللبة: المنحر من الصدر، وفي «المبسوط» الذكاة: ما بين اللبة واللحيين (٢). وهكذا لفظ الحديث رواه ابن المسيب والمراد: بيان محل الذكاة/ عند الاختيار.

وفيه دليل على أن أعلى الحلق وأوسطه وأسفله في ذلك سواء؛ لأن الكل في المعنى المطلوب في الذكاة سواء. كذا في صيد «المبسوط» (٣).

وقال في «الجامع الصغير» (٤) لا بأس بالذبح في الحلق كله وسطه وأعلاه وأسفله.

وإنما أعاد لفظ «الجامع الصغير»؛ لأن بين روايتي «المبسوط» و «الجامع الصغير» اختلافًا من حيث الظاهر؛ لأن رواية المبسوط تقتضي الحل فيما إذا وقع الذبح فوق الحلق قبل العقدة؛ لأنه وإن كان قبل العقدة فهو بين اللبة واللحيين فيحل.

ورواية «الجامع الصغير» تقتضي أن لا يحل؛ لأن على روايته محل الذبح الحلق، فلما وقع الذبح قبل العقدة، ولم يكن الحلق محل الذبح فلا يجوز، فكانت رواية الجامع الصغير مقيدة لإطلاق رواية «المبسوط» فكان المراد من إطلاق رواية «المبسوط» بأن الذكاة ما بين اللبة واللحيين المقيد هو أن تقع المذكورة في الحلق بعد أن يكون ما بين اللبة واللحيين (٥).

وقد صرح في ذبائح «الذخيرة» بأن الذبح إذا وقع أعلى من الحلقوم لا يحل، فقال: وفي «فتاوى أهل سمرقند»: قصاب ذبح الشاة في ليلة مظلمة فقطع أعلى من الحلقوم أو أسفل منه يحرم أكلها؛ لأنه ذبح في غير المذبح وهو الحلقوم (٦).

ولكن ما ذكر من رواية الإمام الرستغني (٧) يخالف هذه الرواية حيث قال: سئل عمن ذبح شاة فبقيت عقدة الحلقوم مما يلي الصدر، وكان يجب أن يبقى مما يلي الرأس أيؤكل أم لا؟ قال: هذا قول العوام من الناس، وليس هو بمعتبر، ويجوز أكلها سواء بقيت العقدة مما يلي الرأس أو مما يلي الصدر؛ لأن المعتبر عندنا قطع أكثر الأوداج، وقد وجدت وشيخي كان يفتي بهذه الرواية فكان يقول (٨): والإمام الرستغني هذا إمام معتمد في القول والعمل، فلو أخذنا يوم القيامة بسبب العمل بهذه الرواية نحن نأخذه أيضًا كما أخذنا، والله أعلم.


(١) كلمة غير واضحة.
(٢) ينظر: المبسوط: ١١/ ٢٢٨.
(٣) ينظر: المصدر السابق: ١١/ ٢٢٨.
(٤) ينظر: العناية: ٩/ ٤٩٢، البناية: ١١/ ٥٤٩، ٥٥٠.
(٥) ينظر: المبسوط: ١١/ ٢٢٨.
(٦) ينظر: البناية: ١١/ ٥٥٠.
(٧) هو علي بن سعيد، أبو الحسن الرستغني، من كبار مشايخ سمرقند، له: كتاب «إرشاد المهتدي»، وكتاب «الزوايد والفوائد» فى أنواع العلوم، وهو من أصحاب الماتريدي الكبار، له ذكر في الفقه والأصول في كتب الأصحاب. ينظر: الجواهر المضية: ١/ ٣٦٢، ٣٦٣، تاج التراجم: ص ٢٠٥، الأعلام للزركلي: ٤/ ٢٩١.
(٨) ينظر: حاشية ابن عابدين: ٦/ ٢٩٤.