للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: الفرق ظاهر بين مسألة الحامل وبين ما نحن فيه وذلك؛ لأن معنى قولنا: لا تردد في القصاص، هو أن القاضي ملجأ في استيفاء القصاص بعد شهادة الشهود بالقتل العمد، فصار كأن الشهود أكرهوا القاضي على استيفاء القصاص، ولهذا يجب ضمان ما أتلف القاضي على الشهود إذا رجعوا، كما في الإكراه الحقيقي، فلما كان القاضي مجبراً على استيفاء من جهتهم، انتقل الإتلاف إليهم، ولم يكن القاضي مختاراً في ذلك باختيار صحيح، فكان القتل غير متردد في وجوده على ذلك التقدير، وكذلك الولي؛ لأن القصاص حقه، ولا يمكنه الإعراض عنه إلا بفوت حقه، وإذا لم يتمكن من هذا القتل إلا بترك الحق لم يسمَّ مختاراً مطلقاً بين الترك والفعل، كمن أكره على فعل بتهديد إتلاف المال عليه، وأما في الردة فلما وجد القتل سببها وإن استدامت أضيف القتل إلى أول السبب، كما ذكرنا في مسائل المرتدين في كتاب السير (١) وأول السبب كان موجواً في يد البائع، فلذلك يرجع بكل الثمن. إلى هذا أشار في المبسوط والأسرار (٢).

(وإن قبله بثلاثة الأرباع) (٣)

[[ما يرجع للبائع من العبد المقطوع يده بالسرقة]]

أي: لو قبل البائع هذا العبد المقطوع من السرقتين اللتين وجدت إحداهما في يد البائع، والثانية في يد المشتري، يرجع المشتري على البائع بثلاثة أرباع الثمن، أما نصف الثمن فلرد المشتري العبد، فرجع على البائع بنصف الثمن لذلك، وأما النصف الثاني فقد فات بسبب قطع اليد؛ لأن اليد الواحدة من الآدمي نصفه، إلا أن ذلك القطع مضاف إلى السرقتين الموجودتين عند البائع والمشتري، فانقسم عليهما نصفين، فكان نصف هذا النصف فواته بسبب كان عند البائع، فلذلك يرجع المشتري عليه بثلاثة أرباع الثمن، فإن قلت: أليس إنه إذا حدث عند المشتري عيب في المشتري (٤) اطلع على عيب كان عند البائع فرضي البائع برده وقبله بذلك العيب الحادث يرجع المشتري هناك بجميع الثمن، فلم ينتقص ههنا ربع الثمن، مع أن هذه المسألة نظيرة تلك المسألة.


(١) لوح (٥٠٢/ أ)
(٢) ينظر: المبسوط للسرخسي (١٣/ ١١٦).
(٣) قال في الهداية: " ولو سرق في يد البائع، ثم في يد المشتري فقطع بهما عندهما يرجع بالنقصان كما ذكرنا. وعنده لا يرده بدون رضا البائع للعيب الحادث، ويرجع بربع الثمن، وإن قبله البائع فبثلاثة الأرباع؛ لأن اليد من الآدمي نصفه وقد تلفت بالجنايتين، وفي إحداهما رجوع فيتنصف؛ ولو تداولته الأيدي ثم قطع في يد الأخير رجع الباعة بعضهم على بعض عنده، كما في الاستحقاق، وعندهما يرجع الأخير على بائعه، ولا يرجع بائعه على بائعه؛ لأنه بمنْزلة العيب. وقوله: "في الكتاب ولم يعلم المشتري" يفيد على مذهبهما؛ لأن العلم بالعيب رضا به، ولا يفيد على قوله في الصحيح؛ لأن العلم بالاستحقاق لا يمنع الرجوع" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٦٩).
(٤) "المشترى" في (ب).