للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّلْجِئَةُ (١): أَنْ يُلْجِئَك- أي: يضطرك ويكرهك أمرٌ- إلَى أَنْ تَأْتِيَ أَمْرًا بَاطِنُهُ خِلَافُ ظَاهِرِهِ، إلى هذا أشار في «المُغْرب» (٢) (٣)؛ لأنه عساه مُلْجِئ ماله بأن يُقِرَّ بماله لغيره، أو يبيع بيعًا (٤) يُلجئه ماله من عظيم لا يمكن الانتزاع من يده، كذا وجدت بخط شيخي (٥) - رحمه الله-.

[[إذا باع المديون بالغبن]]

(ومعنى قولهما: ومنعه من البيع (٦) أن يكون بأقل من ثمن المثل (٧)، يعني: أن المحجور بسبب الدين إذا باع ماله بالغَبن (٨) لا يصحَّ عندهما (٩)، سواء كان ذلك الغبن يسيرًا (١٠) أو فاحشًا (١١)، وإذا لم يصحّ منه الغبن يُخيَّر المشتري بين إزالة الغبن وبين الفسخ (١٢)، كما في بيع المريض مرض الموت، وإن باع ماله من الغريم، وجعل الدين بالثمن قِصاصًا إن كان الغريم واحدًا جاز ذلك، وإن كان الغريم اثنين فيبيع ماله من أحدهما بمثل قيمته صحيح، كما لو باع من أجنبي (١٣) بمثل قيمته، ولكن المُقاصَّة (١٤) لا تصح.


(١) في (أ) (التلحن) وما أثبت هو الصحيح. انظر: حاشية ابن عابدين (٥/ ٦٠٨)، حاشية الشِّلْبِي (٥/ ١٩٩).
(٢) كتاب المغرب لإبي الفتح ناصر الدين بن عبد السيد بن علي بن المطرز حقق الْكِتَاب محمود فاخوري وعبد الحميد مختار وطبعته مكتبة أسامة بن زيد في سوريا، يقول في مقدمة الْكِتَاب: ترجمتُه بكتاب "المغرب" لغرابة تصنيفه ورصانة ترصيفه وإلى الله- سبحانه وتعالى- أبتهل في أن ينفعني به وأئمةَ الإسلام، ويجمعني وإياهم ببركات جمعه في دار السلام.
(٣) المغرب (١/ ٤٢١).
(٤) في (ع) (ماله) وما أثبت هو الصحيح لسياق الكلام.
(٥) انظر: البناية شرح الهداية (١١/ ١١٦)، البحر الرائق (٨/ ٩٤).
(٦) الْبَيْعُ لُغَةً: مِنْ الْأَضْدَادِ يُقَالُ بَاعَ الشَّيْءَ إذَا شَرَاهُ أَوْ اشْتَرَاهُ. الصحاح مادة (ب ي ع) (٣/ ١١٨٩)، المغرب مادة (ب ي ع) (ص: ٥٦). وشرعًا: مُبَادَلَةُ الْمَالِ الْمُتَقَوِّمِ بِالْمَالِ الْمُتَقَوَّمِ تَمْلِيكًا وَتَمَلُّكًا، فَإِنْ وُجِدَ تَمْلِيكُ الْمَالِ بِالْمَنَافِعِ فَهُوَ إِجَارَةٌ أَوْ نِكَاحٌ، وَإِنْ وُجِدَ مَجَّانًا فَهُوَ هِبَةٌ، وَهُوَ عَقْدٌ مَشْرُوعٌ، ثَبَتَتْ شَرْعِيَّتُهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْمَعْقُولِ. الاختيار (٢/ ٣)، تبيين الحقائق (٤/ ٢) التعريفات (ص: ٤٨).
(٧) المثل: النظير، وهُوَ مَا يُسَاوِيه فِي جَمِيع أَوْصَافه. انظر: أنيس الفقهاء (ص: ٥٢)، الكليات (ص: ٨٥١).
(٨) الغَبْن لُغَةً: غَبَنَهُ فِي الْبَيْعِ خَدَعَهُ. الصحاح مادة (غ ب ن) (٦/ ٢١٧٢). اصطلاحًا: ما يتغابن الناس في مثله من الغبن من حد ضرب، وهو الخداع يراد به ما يجري بينهم من الزيادة والنقصان. أنيس الفقهاء (ص: ٧٤)، طلبة الطلبة (ص: ٦٤).
(٩) انظر: حاشية ابن عابدين (٦/ ١٥١)، البناية شرح الهداية (١١/ ١١٦).
(١٠) الغَبن اليسير: هو ما يقوم به مقوّم، مَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ. البناية شرح الهداية (٩/ ٢٧٢)، حاشية ابن عابدين (٥/ ١٢٦)، التعريفات (ص: ١٦١).
(١١) الْغَبْنُ الْفَاحِشُ: هُوَ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ. الاختيار (١/ ٢٣)، العناية شرح الهداية (١/ ١٤٢)، التعريفات (ص: ١٦١).
(١٢) الْفَسْخُ لُغَةً: النَّقْضُ. مختار الصحاح مادة (ف س خ) (ص: ٢٣٩)، وشرعًا: رَفْعُ الْعَقْدِ مِنْ الْأَصْلِ. تبيين الحقائق (٤/ ١٩٧).
(١٣) الأجنبي: الغريب وهو من ليس له علاقة بالشيء، الغريب عنه. معجم لغة الفقهاء (ص: ٤٤).
(١٤) المقاصة: مَأْخُوذٌ مِنْ اقْتِصَاصِ الْأَثَرِ، إذَا كَانَ لَكَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُ مَا لَهُ عَلَيْكَ فَجَعَلْتَ الدَّيْنَ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ. المصباح المنير مادة (ق ص ص) (٢/ ٥٠٥).