للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب [ما يدعيه الرجلان] (١)

لما ذكر حكم الواحد من المدعين ذكر في هذا الباب حكم الاثنين منهم يقال تهاترت [الشهادات] (٢) أي: تساقطت وبطلت مأخوذ من الهِتر بكسر الهاء وهو السقط من الكلام والخطأ فيه كذا في المُغْرِب (٣).

[مايدَّعيه الرجلان معاً]

(وإذا ادّعى اثنان عينًا في يد آخر، كلُّ واحد منهما يزعم أنّه له) (٤) / وإنّما وضع المسألة في دعوى ملك العين؛ لأنّهما لو تنازعا في نكاح امرأة (وأقاما) كل واحد منهما (البيِّنة) أنّها امرأته (لم يقض) القاضي (بواحدةٍ) (٥) منهما بالاتفاق (٦).

وفي دعوى الخارجين؛ لأنّ الدَّعْوَى لو كانت بين الخارج وصاحب اليد وأقاما بينة فبيّنة الخارج أولى عندنا (٧).

وفي أحد قولي الشافعي (٨) -رحمه الله- تهاترت البينتان ويكون المُدَّعَى لذي اليد تركا في يده وهو قضاء ترك لا قضاء ملك وفي القول الآخر يرجح بينة ذي اليد فيقضى به لذي اليد قضاء ملك وفي الملك المطلق لا في الملك المقيّد بالسّبب المعيّن أو بالتاريخ لأن الخارجين إذا ادّعيا الملك بسبب الشراء من جهة واحدة وأرّخ أحدهما فإنّه يقضي به للمؤرّخ (٩) وكذلك إذا ادّعى كل واحد من الخارجين أنّه اشتراها من صاحب اليد وأرّخا وتاريخ أحدهما أسبق يقضي لصاحب التاريخ الأسبق ولو ادّعى الخارجان الشراء من اثنين والدار في يد ثالث وأرّخا وتاريخ أحدهما أسبق يقضي لأسبقهما تاريخًا عند أَبِي حَنِيفَةَ وأبي يُوسُف (١٠) آخِرا وقال مُحَمَّد -رحمه الله- (١١) يقضي به بينهما ولو ادّعيا ملكا مطلقاً بأن ادّعيا عينًا في يدي رجل ملكًا مطلقاً وأرّخا وكان تاريخ أحدهما أسبق يقضي لأسبقهما تاريخًا على قول أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- وهو قول أبي يُوسُف -رحمه الله- آخِراً وعلى قول مُحَمَّد -رحمه الله- آخِراً يقضي بينهما ولا يكون للتاريخ عبرة إلى هذا أشار في الفصول.


(١) في (ج) (دعوى الرجلين).
(٢) في (أ) (الشهادة).
(٣) يُنْظَر: المُغْرِب في ترتيب المُعْرب؛ للمطرزي (٢/ ٣٧٧).
(٤) يُنْظَر: بداية المبتدي (١/ ١٦٨).
(٥) (بواحدةٍ من البيِّنتين). يُنْظَر: المرجع السابق.
(٦) يُنْظَر: اللباب في شرح الكتاب؛ للغنيمي (٥/ ٧١)، مختصر القُدُورِي (١/ ٢١٥).
(٧) يُنْظَر: الفتاوى الهندية (٤/ ٧٣).
(٨) يُنْظَر: روضة الطالبين (ص ٢٠١٥)، أسنى المطالب (٢/ ١١٤).
(٩) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (٨/ ١٨).
(١٠) يُنْظَر: المحيط البرهاني (٩/ ٧٦١).
(١١) يُنْظَر: البحر الرائق (٧/ ٢٤١).