للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: لما اعتبر تصرفهما (١) أبو يوسف في مسألة بيع الوكيل والموكل كيف يستخرج من ذلك أن تصرف الفاسخ أولى عنده في مسألتنا؟.

قلنا (٢): يعلم من ذلك أنه لم يرجح تصرف المالك كما رجحه محمد (٣) - رحمه الله - فلما لم يرجح تصرف المالك ظهر أثر ذلك في مسألة بيع الموكل والوكيل بكون العبد بين المشتريين بالنصف، فلما لم يثبت الرجحان (٤) هناك لتصرف المالك لمالكيته، والرجحان ثابت (٥) هنا لتصرف الفسخ في نفسه، لما (٦) ذكرنا أنه وارد على الإجازة لا على العكس رجحنا بحال التصرف وهو تصرف الفسخ؛ لأنه لا معارض لهذا الرجحان شيء (٧) بعد مساواة تصرف المالك مع تصرف غير المالك فقلنا به.

[[بيع عبدين بالخيار ثلاثة أيام في أحدهما]]

(والمسألة على أربعة أوجه) (٨)

ووجه الانحصار على هذه الأربعة ضروري؛ لأن الاثنين إذا دار في الاثنين يكون (٩) أربعة لا محالة، وههنا كذلك؛ وذلك لأن الخيار وتفصيل الثمن كليهما معا موجودان في العبدين، أو هما غير موجودين، أو وجد الخيار دون تفصيل الثمن، أو على العكس، والبيع في الوجه الأول (١٠) فيما ذكرنا من الأوجه جائز دون الأوجه الثلاثة.

(وفساده لجهالة الثمن والمبيع)

أما جهالة المبيع فهي ما ذكر في الكتاب، فإن الذي فيه الخيار لما لم يكن معلوماً، وهو غير مبيع كان (١١) الآخر هو المتعين؛ لكونه مبيعاً غير معلوم، وأما جهالة الثمن؛ فلأنه لو ثبت حكم العقد الذي لا خيار فيه يثبت بحصته من الثمن، وهو غير معلوم، وجهالة المبيع أو الثمن توجب فساد العقد، فجهالتهما أولى. وقبول العقد في الذي فيه الخيار جواب شبهة، وهي أن يقال: ينبغي أن يفسد البيع في هذه الصورة أيضاً؛ لوجود المفسد، وهو قبول العقد في الذي لم يدخل في العقد؛ لأن العبد الذي فيه الخيار غير داخل في العقد حكماً، وقبول كل واحد منهما شرط لصحة الآخر، فكان بمنْزلة من جمع بين قن وحر وباعهما أنه لا يجوز، وإن فصل الثمن؛ لما ذكرنا أنه جعل قبول العقد في الحر شرطاً لصحة العقد في القن، وإنه شرط مفسد، فقال: ليس هذا كذلك، فإن الحر غير داخل في العقد لا انعقاداً ولا حكماً؛ لأنه ليس بمحل للبيع أصلاً، فلذلك كان قبول العقد فيه شرطاً مفسداً للعقد في القن، وأما ههنا الذي فيه الخيار محل للبيع فكان داخلاً تحت البيع في حق الانعقاد، وإن لم يكن داخلاً في الحكم، فكان نظير من جمع بين قن ومدبر وباعهما بألف صح البيع في القن بحصته من الثمن، وإن تعلق صحة البيع فيه بقبول البيع في المدبر؛ لأن المدبر داخل تحت البيع، ولهذا لو قضى القاضي بجواز بيعه نفذ، فكان قبوله شرطاً صحيحاً كذا هنا، وكذا هذا لو كان الخيار للمشتري، كذا ذكره الإمام التمرتاشي (١٢).


(١) العناية شرح الهداية (٦/ ٣٢٢).
(٢) سقط من (ب).
(٣) "قول محمد؛ أنه يقدم ولاية الملك على ولاية النيابة". بدائع الصنائع (٥/ ٢٧١).
(٤) سقط من (ج).
(٥) "بينا" زيادة في (ب).
(٦) "كما"في (ب).
(٧) سقط من (ب).
(٨) قال في الهداية: "قال: ومن باع عبدين بألف درهم على أنه بالخيار في أحدهما ثلاثة أيام فالبيع فاسد، وإن باع كل واحد منهما بخمسمائة على أنه بالخيار في أحدهما بعينه جاز البيع، والمسألة على أربعة أوجه" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٥٤).
(٩) "المجموع" زيادة في (ب).
(١٠) قال في الهداية: " أحدها: أن لا يفصِّل الثمن ولا يعين الذي فيه الخيار. وهو الوجه الأول في الكتاب" الهداية (٣/ ٩٥٤).
(١١) "فإن" في (ب).
(١٢) ينظر: تبيين الحقائق (٤/ ٢٠).