للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلتُ: أما الحديث فقد ذكر الخصاف- رحمه الله- بإسناده أن النبي -عليه السلام- قال: «أيما رجل أفلس فوجد رجل عنده متاعه فهو ماله بين غرمائه» أو قال: «فهو أسوة غرمائه فيه» (١) وتأويل الرواية الأخرى: أن المشتري كان قَبْضه بغير إذن البائع أو مع شرط الخيار للبائع، وبه نقول إن للبائع في هذا الموضع حق الاسترداد (٢).

[[عقد المعاوضة يقتضي التسوية]]

وأما قوله: إن مطلق عقد المعاوضة يقتضي التسوية، فقلنا: نعم كذلك يقتضي التسوية، ولكن في الملك على ما ذكرنا، وهو حاصل لكل واحد منهما، ولئن سلَّمنا التسوية في القبض أن التسوية فيه (قد ينعدم بالتأجيل في الثمن فلا يبقى له حق فسخ البيع، وإن تعذَّر عليه استيفاء الثمن (٣) لإفلاس المشتري، وهذا بخلاف الفلوس إذا كسدت؛ لأنه تغيَّر هناك موجب العقد، فموجب العقد مِلْك فلوسٍ هي ثمنٌ، وبعد الكساد (٤) لا يبقى له في ذمة المشتري فلوس بهذه الصفة، فأما بعد إفلاس المشتري فيبقى الثمن في ذمته مملوكًا للبائع كما استحقه بالعقد، وهذا بخلاف الكتابة (٥)؛ لأن هناك بعجز المكاتَب تغيَّر موجب العقد [فموجب العقد] (٦) مَلَك الموْلَى بدل الكتابة عند حلول الأجل ولا يملكه إلا بالقبض؛ لأن بدل الكتابة ليس بدينٍ حقيقة؛ لأن المكاتب عبد له والموْلَى لا يستوجب دينًا في ذمة عين.


(١) أخرجه أبو داود في سننه: كتاب البيوع، باب في الرجل يفلس فيجد الرجل متاعه بعينه عنده (٣/ ٢٨٧) برقم (٣٥٢٢)، وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (١٢/ ٢٠) برقم (٤٦٠٨)، والدارقطني في سننه: كِتَابُ الْبُيُوعِ سنن الدارقطني (٣/ ٤٣٢) برقم (٢٩٠٤). قال الدارقطني: (مُرْسَلٌ). انظر: سنن الدارقطني (٣/ ٤٣٢)، قال الألباني: (صحيح). انظر: إرواء الغليل (٥/ ٢٧٠)
(٢) انظر: بدائع الصنائع (٥/ ٢٥٢)، العناية شرح الهداية (٩/ ٢٧٩)، البحر الرائق (٨/ ٩٥).
(٣) في (أ) زيادة (إن التسوية فيه) وما أثبت هو الصحيح. انظر: المبسوط للسرخسي (١٣/ ١٩٩).
(٤) الكَسَاد: هُوَ الفَساد، ثمَّ استعملوه فِي عَدَم نَفَاق السِّلَعِ والأَسْواقِ. تاج العروس مادة (ك س د) (٩/ ١٠٨).
(٥) الكتابة: هِيَ أَنْ يَتَوَاضَعَا عَلَى بَدَلٍ يُعْطِيهِ الْعَبْدُ نُجُومًا فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَيَعْتِقُ بِهِ نُجُومًا. طلبة الطلبة مادة (ك ت ب) (ص: ٦٤)، المغرب مادة (ك ت ب) (ص: ٤٠٠)، التعريفات (ص: ١٨٣).
(٦) في (ع) سقط نظر.