للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِنْ كَانَ إِلَى الْقِيَامِ أَقْرَبُ فَقَدْ عَدَمَ الْأَكْثَرَ فَكَانَتِ الْعِبْرَةُ لِجَانِبِ الْعَدَمِ (١) وَإِذَا تَرَجَّحَ جَانِبُ الْعَدَمِ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَرْكَعْ بِخِلَافِ السُّجُودِ؛ فَإِنَّ السُّجُودَ إِنَّمَا يَحْصُلُ (٢) بِوَضْعِ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ، وَالْوَاجِبُ وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ، وَقَدْ وُجِدَ حِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ أَدْنَى مَا يَكُونُ مِنَ الرَّفْعِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ -رحمه الله- (٣) لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يَسْتَوِ قَاعِداً، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فَتَتَحَقَّقُ الثَّانِيَةُ أَيِ: السَّجْدَةُ الثَّانِيَةُ ثُمَّ الرُّكُوعُ فِي كُلِّ قِيَامٍ مَرَّةٌ، وَالسُّجُودُ مَرَّتَانِ أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا (٤) قَالُوا هَذَا تَوْقِيفٌ وَاتِّبَاعٌ لِلشَّرْعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْقَلَ لَهُ مَعْنىً، وَقَدْ تَعَبَّدْنَا الشَّرْعَ بِمَا لَا يُعْقَلُ لَهُ مَعْنًى تَحْقِيقاً لِلابْتِلَاءِ.

[[الحكمة من فرض السجود]]

وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ يَذْكُرُ لِذَلِك حِكْمَةً [فَيَقُولُ: حِكْمَةُ] (٥) هَذَا مَا رُوِيَ فِي الْأَخْبَارِ، أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَخَذَ الْمِيثَاقَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ -عليه السلام- حَيْثُ قَالَ: (٦) {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} (٧) أَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِالسُّجُودِ تَصْدِيقاً لِمَا قَالُوا؛ فَسَجَدَ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ، وَبَقِيَ الْكُفَّارُ فَلَمَّا رَفَعَ الْمُسْلِمُون رُءُوسَهُمْ؛ رَأَوْا (٨) الْكُفَّارَ لَمْ يَسْجُدُوا [فَسَجَدُوا] (٩) ثَانِيًا شُكْراً وَ (١٠) لَمَّا وَفَّقَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى السُّجُودِ الْأَوَّلِ؛ فَصَارَ الْمَفْرُوضُ سَجْدَتَيْنِ لِهَذَا، وَالرُّكُوعُ مَرَّةً كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ -رحمه الله-.


(١) العدم: فقدان الشيء وذهابه. (لسان العرب لابن منظور: (١٢/ ٣٩٢) والمقصود هنا فقدان الماء الطهور.
(٢) في (ب): (بهما يحصلان).
(٣) ينظر: "مختصر البويطي" (ص ١٤٩).
(٤) "المبسوط" للسرخسي (١/ ٢١).
(٥) زيادة من (ب).
(٦) (حَيْثُ قَالَ) ساقطة من (ب).
(٧) سورة الأعراف: (١٧٢).
(٨) في (ب): (و).
(٩) زيادة من (ب).
(١٠) (وَ) ساقطة من (ب).