للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[ادعاء اللقطة]]

(ولنا أنّ اليد حقٌّ مقصود كالملك) بدليل أنَّه يجب الضّمان في غصب المدبَّر باعتبار إزالة اليد لما أنَّ المدبَّر غير قابل للنَّقل ملكًا.

(وهذا للإباحة عملًا بالمشهور).

وقوله: (عملًا) تعليل قوله: (للإباحة) أي: لم يكن الأمر في قوله -عليه الصلاة والسلام- "فادفعها" (١) للإيجاب، بل هو للإباحة عملًا بالحديث المشهور (٢)؛ إذ لو كان ذلك للوجوب يلزم التّعارض بين موجبَي الحديثين، والأصل عدم التّعارض، فلذلك قلنا بإباحة الدّفع، ويأخذ منه كفيلًا.

ذكر في المبسوط: وله أنَّ يتوسَّع فيدفع إليه باعتبار الظّاهر، فإنْ دفعها إليهأخَذ منه بها كفيلانظرًا لنفسه، فلعلّه يأتي مستحقُّها فيضمِّنها إياه، ولا يتمكَّن مِن الرُّجوع إلى هذا الأخذ منه لأنَّه يخفي شخصهن، فيحتاط بأخذ الكفيل منه، فإنْ (٣) صدَّقه فدفعها إليه، ثُمَّ

أقام الآخَر البيِّنة أنَّها له، فله أنْ يضمِّن الملتقِط. أمَّا بعد التّصديق يؤمَر بالدّفع إليهلأنّ الإقرار/ حجَّة في حقِّ المقرِّ، ولكنّ (٤) الإقرار لا يعارض ببيِّنة الآخر [لأن البينة] (٥) حجةٌ متعدِّية إلى النَّاس كافّة، فيثبت الاستحقاق بها للَّذي أقام البيِّنة. ويتبيَّن أنّ الملتقِط دفع ملكه إلى غيره بغير أمره فله الخيار، إنْ شاء ضمَّن القابض بقبضه، وإنْ شاء ضمَّن الملتقِط بدفعه، فإنْ ضمَّن الملتقط يرجِع على (٦) المدفوع إليه لأنَّه، وإنْ صدَّقه بإصابته العلامة، فقد كان ذلك منه اعتمادًا على الظَّاهر، ولا بقاءَ له بعد الحكم بخلافه. والمقِرّ إذا صار مكذبًا في إقراره سقط اعتبار إقراره، كالمشتري إذا أقرَّ بالملك للبائع ثُمَّ استحقه إنسان مِن يده رجع على البائع بالثَّمن" (٧).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب في اللقطة، باب إذا أخبره رب اللقطة بالعلامة دفع إليه، برقم (٢٤٢٦) ٣/ ١٢٤، ومسلم برقم (١٧٢٣) ٣/ ١٣٥٠.
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ، سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ، قَالَ: لَقِيتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ -رضي الله عنه-، فَقَالَ: أَخَذْتُ صُرَّةً مِائَةَ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُ النَّبي -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: "عَرِّفْهَا حَوْلًا"، فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ: "عَرِّفْهَا حَوْلًا" فَعَرَّفْتُهَا، فَلَمْ أَجِدْ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ ثَلَاثًا، فَقَالَ: "احْفَظْ وِعَاءَهَا وَعَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا"، فَاسْتَمْتَعْتُ، فَلَقِيتُهُ بَعْدُ بِمَكَّةَ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، أَوْ حَوْلًا وَاحِدًا.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرهن، باب إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه، فالبينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه، برقم (٢٥١٤) ٣/ ١٤٣.
عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَكَتَبَ إِلَيَّ: "إِنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قَضَى أَنَّ اليَمِينَ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ".
(٣) في (ب) "وإن".
(٤) ساقط من (ب).
(٥) ما بين معقوفين ساقط من (أ).
(٦) في (ب) "إلى".
(٧) ينظر المبسوط للسرخسي (١١/ ٨).