للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

لما ذكر أحكام مَا يجب من الجِزى عَلى أهل الرَّدى، ذَكر في هذا الفَصل معاملتَهم في دارِ الهدى.

الخِصاء/ -بالكسر والمد-، على فعال، مصدَر خَصاه يَخصِيه أي: نَزَع خِصيَتيه، [والإخصاء في معناه خطأ (١)؛ ذكره في المغرب] (٢).

يقال "كنيسة اليهود والنصارى" لمتعبَّدهم (٣)، وكذلك البِيعة مطلقًا في الأَصل، وإنْ غَلَب استعمال الكَنيسة لمتعبَّد (٤) اليهود والبِيعة لمتعبَّد (٥) النصارى.

ثم المناسبة في الجمع بين الخصاء والكنيسة في الحديث (٦) هي معنى الضَّعف فيهما، فإنَّ في الخصاء نَوع ضَعف ليس في الفَحْل، وكذلك بناء الكنيسة في دار الإسلام يورِث الضَّعف في الإسلام؛ أو في الخصاء تَغيير عمَّا هو عليه أَصل الخِلقة، فكذلك في إحداث الكَنيسة تغيير عمَّا هو عليه بناءُ دار الإسلام.

وذكر في الإيضاح معنى الحديث فقال: وأمَّا الخصاء فمعناه: لا يُخصى الرَّجل، وقيل ذلك في تأويل قوله تعالى: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: ١١٩] إنَّما المراد الخصاء.

وقيل: المراد به التبتُّل والامتناع مِن النساء كما يفعله أهل الكتاب حتَّى يصير في ُحْكم

[[حكم إحداث وبناء الكنائس والبيع]]

الخَصيّ (٧).

(والمُراد إحداثُها) يعني: لا يُحدَث في دار الإسلام كنيسةٌ لم تكن.

(والصَومَعة (٨) للمتخلِّي فيها بمنزِلةِ البِيعة) أي: لا يمكَّنون من إحداث الصَّومَعة الَّتي يتخَلَّون فيها أيضًا.

وفي الصحاح: يقال: "أتانا بثريدة مُصَمَّعَةٍ، إذا دُقِّقَتْ وحُدِّدَ رأسُها. وصَوْمَعَةُ النَّصارى: فَوْعَلَةٌ مِن هذا، لأنَّها دقيقة الرَّأس" (٩).


(١) ينظر المغرب في ترتيب المعرب (ص: ١٤٧).
(٢) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب).
(٣) في (ب) "لمعبدهم".
(٤) في (ب) "لمعبد".
(٥) في (ب) "لمعبد".
(٦) أخرجه البيهقي في سنن الكبرى، كتاب السبق والرمي، باب كراهية خصاء البهائم، برقم (١٩٧٩٣) ١٠/ ٤١، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا إخصاء في الإسلام، ولا بنيان كنيسة". وضعفه ابن حجر ينظر الدراية في تخريج أحاديث الهداية (٢/ ١٣٥).
(٧) ينظر المبسوط للسرخسي (١٥/ ١٣٤).
(٨) الصومعة: منارة الراهب، قال سيبويه: هو من الأصمع، يعني المحدد الطرف المنضم. وصومع بناءه: علاه، مشتق من ذلك. المحكم والمحيط الأعظم (١/ ٤٦٠).
(٩) الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (٣/ ١٢٤٥).