للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في الفوايد الظهيرية مُحالاً إلى أهل المنطق: الجنس: اسم دال على كثيرين مختلفين بالنوع، والنوع اسم دال على كثيرين مختلفين بالشخص (١).

[الجهالة الواقعة في التوكيل بالبيع والشراء]

«ومن وكَّل رجلاً بشراء شيء» (٢)، أي: شيء غير معين؛ لأنَّ في المعين لا يحتاج إلى تسمية الجنس، والصفة (٣).

قوله - رحمه الله -: «من تسمية جنسه» كالجارية، والعبد، «وصفته»، أي: نوعه كالتركي، والحبشي على ما يجيء في الكتاب.

«وحاصل هذا أن الجهالة لا [تخلو] (٤)؛ إما إن كانت في المعقود عليه، وهو المبيع، والمشترى، أو في المعقود به وهو الثمن؛ فالجهالة في المعقود عليه لا [تخلو] (٥) من ثلاثة أوجه:

جهالة فاحشة: وهي ما كانت في الجنس مثل [التوكيل] (٦) بشراء الثوب والدابة والرقيق؛ فلا يصح سواء سمى الثمن، أو لم يسم؛ لأنَّ اسم الرقيق يتناول الذكر، والأنثى وهما من بني آدم جنسان مختلفان حتى لو اشترى شخصاً على أنه غلام فإذا هو جارية كان البيع باطلاً، وكذلك اسم الدابة يقع على ما يدِب في وجه الأرض دليله قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} (٧).

وجهالة يسيرة: وهي ما كانت في النوع المحض كالتوكيل بشراء شاة، أو بقر أو فرس، أو ثوب يهودي، أو جارية تركية، أو هندية، وهو صحيح بين الثمن أو لم يبين.

وجهالة متوسطة: بين منزلة الجنس، والنوع كالتوكيل بشراء عبد، أو جارية، أو دار، أو لؤلؤة؛ فهذه الأشياء ملحقة بالجنس من وجه؛ لأن اختلاف العبيد، والجواري أكثر من اختلاف سائر الأنواع عادة، وعادة الناس في ذلك مختلفة؛ فإذا لم يسم الثمن، أو الصفة/ ألحق بمجهول الجنس، وإذا سمي الثمن، أو الصفة بأن قال: تركي، أو هندي أُلحِق بمجهول النوع.

وهذا لأنَّ العبيد جنس واحد باعتبار منفعة العمل أجناس مختلفة باعتبار منفعة الجمال، فإنَّ منفعة الجمال مطلوبة من بني آدم، ولهذا تجعل رؤية الوجه من بني آدم كرؤية الكل في إسقاط خيار الرؤية، وفى هذه المنفعة يختلف التركي، والهندي اختلافاً فاحشاً، فكان جنساً واحداً من وجه دون وجه فألحقناه بالجنس الواحد عند بيان الثمن، أو الصفة، [وبالجنس] (٨) المختلف إذا لم يتبين أحدهما عملاً بالشبهين.


(١) ينظر: تبيين الحقائق (٤/ ٢٥٩)، فتح القدير (٨/ ٢٧).
(٢) « … فلا بد من تسمية جنسه، وصفته، أو جنسه ومبلغ ثمنه»، الهداية (٣/ ١٣٨).
(٣) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ٢٣٥).
(٤) في «ج»: [تخ].
(٥) في «ج»: [تخانه].
(٦) في «ج»: [الوكيل].
(٧) سورة هود: آية ٦.
(٨) في «س»: [أو بالجنس].