للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[القيمة على الغاصب فيما لا مثل له]]

(وما لا مثل له فعليه قيمته) هذا غَيْرُ مُجْرًى على حقيقته من عدم المثل أصلًا، بل المراد منه والشيء الذي لا يُضمن بمثله من جنسه؛ لأن المثل (١) الذي لا مِثْل له على الحقيقة هو الله- تعالى- وحده (فعليه قيمته يوم غصبه) أي: عند تعذَّر رد العين، وهذا عندنا (٢)، خلافًا لأهل المدينة (٣)،

[[عند تعذر العين تجب القيمة يوم غصبه]]

وفي «المبسوط»: (٤) (وإن كان المغصوب من العدديات المتفاوتة (٥) كالثيابِ، والدوابِّ فالواجب على الغاصب ضمان القيمة عند تعذر رد العين.

[[خلاف أهل المدينة عند تعذر رد العين]]

وقال أهل المدينة (٦): الواجب هو المثل لحديث أنس -رضي الله عنه- قال: «كنت في حُجرة عائشة -رضي الله عنها- قبل أن يُضْرب الحجاب، فأُتيَ بقَصْعة (٧) من ثَرِيد (٨) من عند بعض أزواجه فضَربت عائشةُ القصعةَ بيدها فانكسرت، فجَعل رسول الله -عليه السلام- يأكل من الأرض، ويقول: غارت أمكم غارت أمكم، ثم جاءت عائشة بقصعة مثل تلك القصعة فردتها، واستحسن ذلك/ رسول الله -عليه السلام- (٩)، وقال علي (١٠) -رضي الله عنه- في المغرور: «يُفَكُّ الغلام بالغلام، والجارية بالجارية» (١١)، ولكنا نحتج بحديث معروف عن النبي -عليه السلام-: «أنه قال في عبد بين شريكين يُعْتِقُه أحدهما: فإن كان مُوسِرًا ضمن قيمة نصيب شريكه، [وإن كان مُعْسِرًا يبقى العبد في قيمة نصيب شريكه] (١٢) غير مشقوق عليه» (١٣) وهذا تنصيص على اعتبار القيمة فيما لا مثل له.


(١) سقطت في (ع).
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٥١)، الاختيار (٣/ ٥٩). وقال الزيلعي: (وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ). تبيين الحقائق (٥/ ٢٢٣).
(٣) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٥١)، البناية شرح الهداية (١١/ ١٨٦).
(٤) للسرخسي (١١/ ٥١).
(٥) العددي المتفاوت: مَا اخْتَلَفَتْ آحَادُهُ فِي الْقِيمَةِ وَاتَّفَقَتْ أَجْنَاسُهُ كالرُّمَّانِ وَالْبِطِّيخِ وَالسَّفَرْجَلِ وَنَحْوِهَا. مجلة الأحكام العدلية (ص: ٣٣)، معجم لغة الفقهاء (ص: ٣٠٧)، حاشية الشلبي (٤/ ١١١).
(٦) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٥١)، البناية شرح الهداية (١١/ ١٨٦).
(٧) القَصْعةُ: وعَاء يُؤْكَل فِيهِ ويثرد وَكَانَ يتَّخذ من الْخشب غَالِبا. لسان العرب مادة (ق ص ع) (٨/ ٢٧٤)، المعجم الوسيط (٢/ ٧٤٠).
(٨) ثَرَدَ: الْخُبْزَ تَفُتَّهُ ثُمَّ تَبُلّهُ بِمَرَقٍ. مختار الصحاح مادة (ث ر د) (ص: ٤٩)، المصباح المنير مادة (ث ر د) (١/ ٨١).
(٩) أخرجه البخاري في صحيحه بلفظ مشابه: كتاب النكاح، باب الغيرة (٧/ ٣٦) برقم (٥٢٢٥)، وكتاب المظالم والغصب، باب إذا كسر قصعة أو شيئًا لغيره (٣/ ١٣٧) برقم (٢٤٨١) من حديث أنس رضي الله عنه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم بقصعة فيها طعام، فضربت بيدها، فكسرت القصعة، فضمها وجعل فيها الطعام، وقال: «كلوا» وحبس الرسول والقصعة حتى فرغوا، فدفع القصعة الصحيحة، وحبس المكسورة).
(١٠) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٥١)، العناية شرح الهداية (٨/ ٣١٤)، تبيين الحقائق (٢/ ٦٤).
(١١) انظر: غريب الحديث للقاسم بن سلام (٣/ ٣٤٣)، الفائق (٣/ ٦٤).
(١٢) في (ع): سقط نظر.
(١٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٤/ ١٣٩) (٢٤٩٢) كتاب الشركة، باب تقويم الأشياء بين الشركاء بقيمة عدل، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: «من أعتق شقيصا من مملوكه، فعليه خلاصه في ماله، فإن لم يكن له مال، قوم المملوك قيمة عدل، ثم استسعي غير مشقوق عليه» وفي كتاب العتق: باب إذا أعتق نصيبًا في عبد، (٣/ ١٤٥) برقم (٢٥٢٦)، وأخرجه مسلم في صحيحه (٢/ ١١٤٠) برقم (١٥٠٣) كتاب العتق: باب ذكر سعاية العبد.