للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[استيلاد المأذونة حجر عليها]]

(فذلك حجر عليها)، أي: استيلاد المأذونة حجر عليها عن الإذن، وتأويل المسألة فيما إذا استولدها من غير تصريح بالإذن، أما إذا استولدها ثم قال: لا أريد الحجر عليها بقيت على إذنها، كذا ذكره الإمام المحبوبي (١) - رحمه الله- في «الجامع الصغير» (٢) (هو يعتبر البقاء بالابتداء)، يعني: أن الموْلَى إذا أذن لأم الولد ابتداء يجوز (٣) فكذا تبقى مأذونة، وإن طرأ الاستيلاد على المأذونة، وهو القياس (٤)، (ولكن استحسن علماؤنا (٥) فقالوا: استيلاد الموْلَى حجر عليها؛ لأن العادة جرت في الظاهر أن الإنسان يُحَصِّن (٦) أم ولده، ولا يرضى بخروجها، واختلاطها بالناس في المعاملة والتجارة، ودليل الحجر كصريح الحجر، بخلاف ما إذا أذن لأم ولده في التجارة؛ لأنه صريح هناك بخلاف العادة، وإنما تعتبر العادة عند عدم التصريح بخلافها.

فأما مع التصريح بخلاف العادة فلا، كتقديم المائدة بين يدي إنسان يجعل إذنًا في التناول بطريق العُرف، أما إذا قال لا تأكل مع تقديم المائدة لم يكن ذلك إذنًا). كذا في «المبسوط» (٧).

وهذه المسألة غير مسألة الإباق في التعليل من الطرفين، فكان فيه دليل على أن المخالف هناك زفر (٨) كما هو المذكور في «المبسوط» (٩)؛ لأنه لم تختلف رواية الكِتَابَيْن (١٠) في أنه المخالف في هذه المسألة؛ [بل وتعليل هذه المسألة] (١١) مثل تعليل مسألة الإباق من الطرفين معينة.


(١) هو: عبيد الله بن إبراهيم بن أحمد بن عبدالملك بن عمر الأنصاري العبادي المحبوبي النجاري العلامة جمال الدين أبو الفضل، ولد في جمادى الأولى ٥٤٦ هـ، كان مدرسًا محدثًا عارفًا بمذهب أبي حنيفة، وكان ذا هيئة وعبادة، وإليه انتهت رياسة الحنفية بما وراء النهر، وتفقه عليه خلق وانتفعوا به؛ من تصانيفه: (شرح الجامع الصغير للشيباني في الفروع)، توفي في جمادى الأولى ٦٣٠ هـ. انظر: تاريخ الإسلام (١٣/ ٩٢٣)، الوافي بالوفيات (١٩/ ٢٢٩)، الجواهر المضية (١/ ٣٣٦)، سير أعلام النبلاء (٢٢/ ٣٤٥).
(٢) انظر: الجامع الصغير لفخر الإسلام (٣/ ٧٤٧)، البناية شرح الهداية (١١/ ١٥٤)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٥١).
(٣) في (أ) (محجور) وما أثبت هو الصحيح. انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ٢٩٧).
(٤) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ٢٠٦)، الاختيار (٢/ ١٠٣).
(٥) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٣٦)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٥١).
(٦) في (ع) (يحبس) وما أثبت هو الصحيح. انظر: الجامع الصغير لفخر الإسلام (٣/ ٧٤٧).
(٧) للسرخسي (٢٥/ ٣٦).
(٨) أي: في مسألتي (إباق العبد، واستيلاد المأذونة) حيث قال: لا يصير حجر عليهما. انظر: الاختيار (٢/ ١٠٣)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٥١)، تبيين الحقائق (٥/ ٢١٢).
(٩) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٢٣)، (٢٥/ ٣٦).
(١٠) يظهر لي أن المقصود من الكِتابين: الهداية والمبسوط للسرخسي. والله أعلم.
(١١) في (ع) سقط نظر.