للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى قول زفر -[رحمه الله] (١) - تجب الشفعة قبل التقابض، وهو بناء على ما بينا في كتاب (الهبة): أن الهبة بشرط العوض عنده بيع ابتداء وانتهاء (٢).

وعندنا: [بيع] (٣) ابتداء، وبمنزلة البيع إذا اتصل به القبض من الجانبين. كذا في «المبسوط» (٤) بخلاف ما إذا لم يكن العوض مشروطًا في العقد، أي: لا تثبت الشفعة/ حينئذ لا في الموهوب ولا في العوض إذا كان العوض دارًا؛ لأن كل واحد منهما هبة من غير عوض، وأوضح ذلك في «الإيضاح» فقال: «ولو وهب له عقارًا من غير عوض مشروط في العقد، ثم عوضه من ذلك دارًا فلا شفعة في الهبة، ولا في العوض؛ لأن هذه هبة أثبتت على هبته، والهبة الثانية أثرت في إبطال حق الرجوع لا أن يكون عوضًا عن الموهوب الأول حقيقة.

ألا ترى أنه لو وهبه عشرة وعوَّضه خمسة جاز ولو كان عوضًا عن الموهوب لكان رِبًا، وإذا ثبت أنه ليس بعوض عن نفس الموهوب لم تثبت الشفعة» (٥).

وذكر في «الأوضح» (٦): فامتناع الرجوع فيما إذا عُوِّض بدون الشرط لمكان التعويض لا لصيرورتها تبعًا؛ لأنه يمنع زوال الملك عن البائع، فلما كان بقاء حق البائع يمنع ثبوت حق الشفيع، كما في البيع الفاسد كان بقاء ملكه أولى. كذا في «المبسوط» (٧).

(والشفعة تبتنى عليه)، أي: على زوال الملك عن البائع على ما مَرَّ، أي: في أوائل كتاب (الشفعة) في قوله: (والشفعة تجب بعقد البيع)، إلى أن قال: (والوجه فيه: أن الشفعة إنما تجب إذا رغب البائع عن ملك الدار) إلى آخره (٨).

[هل تجب الشفعة مع خيار المشتري]

(وإذا أخذها)، أي: وإذا أخذ الشفيع الدار في الثلاث، أي: في مدة الخيار التي هي الثلاث، وإنما قيد بالثلاث؛ لتكون المسألة على الاتفاق. (وجب البيع)، أي: تقرر وتحقق البيع الذي جرى بين البائع والمشتري بشرط الخيار، وإنما ذكر هذا؛ لأن المشتري بخيار الشرط لو ردَّ البيع بحكم خيار الشرط قبل طلب الشفيع لم يجب البيع ولم يتحقق، بل انفسخ من الأصل؛ فحينئذ لا يتمكن الشفيع من طلب الشفعة؛ لأن هذا ليس بإقالة، بل انفساخ من الأصل؛ فكان السبب منعدمًا في حقه من الأصل. إلى هذا أشار في «المبسوط» (٩).


(١) زيادة من: (ع).
(٢) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٤١.
(٣) في (ع): «من».
(٤) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٤١.
(٥) ينظر: البحر الرائق: ٨/ ١٥٨.
(٦) الأوضح، في فروع الحنفية، للشيخ الإمام أبي بكر محمد بن أبي الفتح النيسابوري الحنفي، توفي في حدود سنة ٥٤٠ هـ، ينظر: كشف الظنون: ١/ ٢٠٢، وهدية العارفين ٢/ ٨٩.
(٧) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٤٣.
(٨) ينظر: الهداية: ٤/ ٢٦.
(٩) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٤٣، البناية: ١١/ ٣٦١.