للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وعقوبة الكُفر تَسقُط بالإسلام) لا محالةَ، كالقتل بخلاف الرِّق، فإنَّه في حالة (١) البَقاء مِن الأمور الحُكمية، لا مِن عقوبات الكُفر، حتَّى أنَّه يثبت بطريق التَّبعيَّة بخلاف الجزية، أو أنَّ لازِمَه أداء الجِزية لما كانت هي الصَّغار حتى لا يُقبل (٢) أداؤها لو بعثها بيد نائبِه في أَصَحِّ الرِّوايات، فيُعطي قائمًا، والقَابِض منه يَقبِضه قاعِدًا، على ما يأتي في الكتاب، فانتفى بالإسلام شَرط الأَداء، وهو الأداء على وجه الصَّغار، فيبقى المشْروط، لأنَّ المشروط لا يتحقَّق بدون شرطِه (٣).

(والعصمه تَثْبُت بكونه آدميًا) جَوابٌ عن قوله: (أنَّها وَجَبَت بدلًا عن العِصمة) فيَمنع بهذا، ويقول: العِصمة كانت أمرًا أصليًا له، لا أنْ يثبت باعتبار الجزية، لأنَّ الآدمي في أصله خُلِق معصومًا، فلا يصح إضافةُ الأمر الأصلي إلى قبول الجِزية الذي هو طارئ.

وذكر شمس الأئمة في المبسوط: وقال: "وقد بيَّنا أنَّ الجزية ليست بدَين، ولا بدَل عن السُّكنى، ولا بَدَل عن حَقْن الدَّم، ولئِن سلَّمنا له ذلك، فإنَّما هي بَدَل عَن الحَقْن في المستقبَل لا في ما مَضَى، وقد استفاد الحَقن بالإسلام، فلا معنى لأخْذ الجزية بعد ذلك" (٤).

[[اجتماع جزية الحولين]]

(وإن اجتمعت عليه الحولان تداخلت).

ولفظ شرح الأقطع (٥): وإنْ اجتمَع حَولانِ تداخلت الجِزية (٦)، فعلى هذا يجوز أن يكون تأنيث فِعل الحولَين على حذف المضاف، أيْ: إذا اجتَمعت جِزية الحَولين تداخلت. وقيل أَنَّث الحولَ على تأويل السَّنة كقوله: "ما هذه الصوت" على تأويل الصَّيحة.

(وقيل: لا تداخُلَ فيه بالاتفاق (٧) والفَرق بينهما على هذه الرِّواية، فإنَّ خراج الأرض وَجَب مُؤْنة الأرض قائمًا مقام العُشر، والعُشر يتضاعَف، فكذلك هَذا؛ ولأنَّه لا عقوبةَ في الخراج بقاءً فاعتبِر، أو مؤنة (٨) لا عقوبة فيها من نَفقة المرأة المفروضة، وصَدقة الفِطر (٩)؛ إلى هذا أشار في الأسرار.


(١) في (ب) "حال".
(٢) في (ب) "تقبل".
(٣) ينظر المبسوط للسرخسي (١٠/ ٨١).
(٤) المبسوط للسرخسي (١٠/ ٨١).
(٥) هو شرح لمختر القدوري للإمام: أحمد بن محمد، المعروف: بأبي نصر الأقطع، في مجلدين، المتوفى: سنة (٤٧٤ هـ)، قال الأقطع: رأيت أن أشرحه شرحًا لا أحيد عن حد الاختصار. وهو مخطوط، منه نسخة في الأزهرية، وإستانبول، ودار الكتب، وإحياء التراثالإسلامي برقم ٢٦٣، ومكتبة الملك فهد الوطنية تحت الرقم ٢٦١٤.
تاج التراجم لابن قطلوبغا (ص: ١٠٣ - ١٠٤)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (٢/ ١٦٣١)، الأعلام للزركلي (١/ ٢١٣).
(٦) ينظر اللباب في شرح الكتاب (٤/ ١٤٦).
في (ب) "بعد ذلك" بعد قوله "الجزية".
(٧) الهداية في شرح بداية المبتدي (٢/ ٤٠٣)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ٢٧٩).
(٨) في (ب) "بمؤنة" بدل "أو مؤنة".
(٩) ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ٥٥)، البناية شرح الهداية (٧/ ٢٥٢)