للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[شركة الوجوه]]

(وأنَّها تصحُّ مفاوضة) فالمفاوضة منها أنْ يكون الرّجلان من أهل الكفالة، وأنْ يكون ثمن المشترى على كلّ واحد منهما نصفه، وأنْ يكون المشترى بينهما نصفين، وأنْ يتلفَّظا بلفظ المفاوضة.

وأمّا العنانمنهما: فهو أنْ يجوز التّفاضل في ضمان ثمن المشترى بينهما، وينبغي أنْ يشترطا الرّبح بينهما على قدر الضّمان، وإنْ اشترطا الرّبح بخلاف الضّمان بينهما فالشّرط باطل، ويكون الرّبح بينهما على قدر ضمانهما (١)؛ كذا في شرح الطحاوي.

(في الأبدال) وهي الثّمن والمثمَن؛ لأنَّ مطلقه ينصرِف إليه؛ لأنَّ المعتاد فيما بين النّاس شركة العِنان فالمطلق ينصرِف إلى المعتاد كما إذا اشترى بدراهم مطلقة.

(والأستاذ الّذي يُلقي العمل على التّلميذ بالنِّصف) وذُكر النِّصف اتفاقي، فإنّه يجوز له أنْ يلقي بأقلّ من النصف، وقد ذكرناه.

(بالضّمان) أي: يطالب الأستاذ بتحصيل ذلك العمل، فكان العمل مضمونًا على الأستاذ.

(والوجوه ليست في معناها) أي: شركة الوجوه ليست في معنى المضاربة؛ لأنَّ في شركة الوجوه كلَّ واحد من الشّريكين مضمون عليه العمل، وأمّا المال فليس بمضمون على المضارب، وكذلك العمل ليس بمضمون على ربِّ المال بخلاف العنان؛ لأنَّه في معنى المضاربة مِن حيث إنَّ كل واحد من شريكي العِنان [يعمل في مال صاحبه كالمضارب] (٢)، يعمل في مال صاحبه كالمضارب يعمل في مال ربّ المال، فجاز اشتراط زيادة الرِّبح في العنان، كما جاز في المضاربة، والله أعلم.

[فصل في الشركة الفاسدة]

قدَّم الصّحيح على الفاسد؛ لما أنّ الصحيح موجود شرعا مِن كلّ وجه، وأمّا الفاسد فهو فائت لوصف الصحّة، فلم يكن موجودًا شرعًا مِن كلِّ وجه، فانحطّ من الصّحيح ذكرًا لانحطاط درجته شرعا.

(وعلى هذا الاشتراك في أخذ كلِّ شيء مباح) نحو احتشاش الحشيش، واجتناء الثّمار مِن الجبال والبراري مِن الجوز والفستق وغيرهما، فإنْ عملا ذلك، وخلطاه ثُم باعاه قسم الثّمن على كيل، وَوَزن ما كان لكلّ واحد منهما إنْ كان كيليًا أو وزنيًا؛ لأنّ كلّ واحد منهما كان مالكًا لما أصابه، والثّمن في البيع إنّما (٣) يقسم على مالية المعقود عليه، ومالية المكيل والموزون تُعتبر بالكيل والوزن، فلهذا قسم الثّمن بينهما على ذلك. وإن لم يكن كيليًا أو وزنيا يقسم الثّمن على قيمة ما كان لكلّ واحد منهما؛ لأنّ معرفة المالية فيما لا يكال ولا يوزن بمعرفة القِيمة، وإنْ لم يعرف مقدار ما كان لكل واحد منهما صدَق كلُّ واحد منهما إلى النِّصف؛ لأنَّهما استويا في الاكتساب، وقد كان المكتسب في أيديهما، فكلُّ واحد منهما في دعواه إلى النِّصف إنَّما يدَّعي ما كان في يديه، والظاهر يشهد له في ذلك، فيُقبل قولُه ولايُصدَّق في الزِّيادة على النِّصف إلا ببيّنة؛ لأنَّه يدعي خلاف مايشهد الظّاهر له، وكذلك الشركة بنقل الطين وبيعه من أرض لايملكانها أو الجصّ أو الملح أو الكحل أو ما أشبه ذلك (٤)؛ كذا في المبسوط.


(١) ينظر بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٦/ ٦٥).
(٢) ما بين المعقوفتين مكرر في (أ).
(٣) في (ب) "أن".
(٤) ينظر المبسوط للسرخسي (١١/ ٢١٧).