للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[الغرماء يملكون كسبه من حيث المالية]]

وأما عن الثالث: فإن الغرماء يملكون كسبه من حيث المالية، لا من حيث العين؛ فإن للموْلَى حق (١) التمليك، واستخلاص الملك فيه بأداء الدين من محل آخر، فكان حاله أقوى من حال الأب، ثم إذا استولد الأب جارية ابنه (٢) ثبت نسبه، ويملك الجارية بالقيمة، ولم يغرم من العُقْر شيئًا، فكذا ههنا، هذا كله مما أشار إليه في «المبسوط» (٣) و «الإيضاح» (٤).

[[جواز بيع المأذون من مولاه بمثل قيمته إذا كان مديونا]]

(وإذا باع من الموْلَى شيئا بمثل قيمته جاز) (إذا كان عليه دين)، وإنما قيَّد بالدَّين؛ لأنه إذا لم يكن عليه دين لا يجوز بيع العبد المأذون شيئًا من مولاه، ولا بيع مولاه شيئًا منه، هكذا نص في «المغني» (٥) في الفصل التاسع من المأذون، وقال: إذا باع العبد المأذون المديون شيئًا من أكسابه من الموْلَى بمثل قيمته جاز، وإن لم يكن مديونًا لا يجوز؛ وقد ذكرنا في البيوع مِثل ذلك منقولًا من مبسوط شيخ الإسلام (٦) (٧)، ومما يُؤيد هذا ما ذكره في أواسط مأذون شرح الطحاوي (٨) فقال: إذا باع الموْلَى داره من أجنبي، أو اشترى من (٩) أجنبي دارًا، والعبد المأذون له في التجارة شفيعها (١٠)، وكان عليه دين كان له الشفعة؛ لأنه يأخذها للغرماء، وإن لم يكن عليه دين فلا شُفعة له؛ لأنه يأخذها للموْلَى، إلى أن قال: وإن كان الموْلَى باع من عبده المأذون دارًا أو اشتراها من عبده؛ فإنه ينظر إن لم يكن على العبد دين [لم يصحَّ البيع والشراء، ولا شفعة في هذا البيع للشفيع، وإن كان العبد عليه دين] (١١) صحَّ البيع، وإن كان البيع والشراء بمثل القيمة أو خُيَّر العبد فللشفيع فيه الشفعة، وإن كان شراء للعبد فلا شفعة فيها عند أبي حنيفة (١٢) - رحمه الله-؛ لأنه يكون فاسدًا، ولا شفعة في البيع الفاسد، قلَّت محاباة العبد أو كثرت، وعندهما القليل معفو وفيه الشفعة، والكثير غير معفو فلا شفعة فيها (١٣).


(١) سقطت في (ع).
(٢) سقطت في (أ).
(٣) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ١٤٨).
(٤) انظر: الجوهرة النيرة (٢/ ١٠٨)، البناية شرح الهداية (٥/ ٢٢٧)، تبيين الحقائق (٥/ ٢١٣).
(٥) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٩٥)، تبيين الحقائق (٥/ ٢١٥).
(٦) هو كتاب المَبْسُوط لمُحَمَّد بن الحسن الشَّيْبَانِيّ- رحمه الله-، ويطلق عليه الأصل عند الأحناف، وهو المسمى بالأصل، ألفه مفردًا (أي: كتابًا كتابًا، وموضوعًا موضوعًا)، ثم جمعت فصارت مبسوطًا، وهو المراد حيث ما وقع في الكتب: "قال محمد في كتاب فلان المبسوط كذا"، واعلم أن نسخ المبسوط المروية عن محمد متعددة، وأظهرها مبسوط أبي سليمان الجوزجاني انظر: كشف الظنون (٢/ ١٥٨١).
(٧) انظر: المبسوط للشيباني (٩/ ١٤٤)، العناية شرح الهداية (٩/ ٣٠١).
(٨) انظر: شرح الطحاوي للجصاص (٨/ ٥٠٨) المبسوط للسرخسي (١٤/ ١٢٢).
(٩) سقطت في (أ).
(١٠) الشَّفْعُ لغة: ضِدُّ الْوِتْرِ. مختار الصحاح مادة (ش ف ع) (ص: ١٦٦). وشرعًا: تمييز بين الحقوق الشائعة بين المتقاسمين. أنيس الفقهاء (ص: ١٠١).
(١١) في (ع) سقط نظر.
(١٢) انظر: المبسوط للشيباني (٩/ ١٤٤)، بدائع الصنائع (٧/ ١٩٥).
(١٣) انظر: المبسوط للسرخسي (١٤/ ١٥١)، بدائع الصنائع (٥/ ١٤).