للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا كذلك سائر الديون كذا في «الذخيرة» (١).

فلو مات العبد سقطت، لا يؤاخذ المولى بشيء؛ لأنّ المحل الاستيفاء قد فات.

وإن قتل العبد كانت النفقة في قيمته.

قال الشيخ أبو الحسن القدوري -رحمه الله- (٢): هذا ليس بصحيح، وإنّما الصحيح أن يسقط؛ لأنّ النفقة تسقط بالموت، لأنّها في معنى الصّلة، والصّلات تبطل بالموت قبل القبض، والقيمة إنما تقام مقام الرقية في رقيق لم يسقط بالموت، لا في دين يسقط بالموت.

وأمّا المدبّر إذا تزوّج بإذن المولى والنفقة تتعلّق بكسبه وكذا نفقة امرأة المكاتب، وهذا الذي ذكرنا إذا تزوّج العبد أو المدبّر أو المكاتب بإذن المولى، فأمّا إذا تزوّجوا بغير إذن المولى فلا نفقة عليهم ولا مهر؛ لأنّ وجوب المهر والنفقة يعتمد صحّة العقد، ونكاح هؤلاء بغير إذن المولى لا يصحّ، كذا في «الذخيرة» (٣).

(فَلَا نَفَقَةَ لَهَا) لِعَدَمِ الِاحْتِبَاسِ، فإن قيل: المولى إنّما أزال ذلك لحق له شرعًا، فلماذا لا يجعل هذا كالحرّة إذا حبست نفسها لصداقها؟.

قلنا: أنّ الحرة إذا حبست نفسها لصداقها فالتّفويت إنّما جاء من الزّوج حين امتنع من إيفاء ما لزمه.

فأمّا ههنا فالتّفويت ليس من قبل الزوج.

والتبوئة غير لازمة، جواب سؤال بأن يقال: لما بوّءها مرة يجب [٣٩٠/ أ] عليه أن يمضي على ذلك، وكان ينبغي أن لا يكون له نقضها بالاستخدام بعد ذلك.

فأجاب عنه بهذا، والمدبّرة وأمّ الولد في هذا كالأمة، ولم يذكر المكاتبة لما أنّ المكاتبة إذا تزوّجت بإذن المولى فهي كالحرّة، فلا يحتاج إلى التبوئة لاستحقاق النفقة؛ لأن منافعها على حكم ملكها لصيرورتها أخصّ بنفسها ومنافعها بعقد الكتابة ولهذا لم يبق للمولى ولاية الاستخدام فكانت كالحرة كذا في «الذخيرة» (٤) والله أعلم.

[فصل]

وقد أوجبها الله تعالى مقرونة بالنّفقة قال الله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} (٥) وفي قراءة ابن مسعود -رضي الله عنه-: "أسكنوهن من حيث سكنتم وأنفقوا عليهن من وُجدكم"؛ ولأنّها محتاجة إلى السكنى لحاجتها إلى النفقة، فإن أسكنها في منزل ليس معها أحد، فشكت إلى القاضي أنّ الزّوج يضربها ويؤذيها، وسألت من القاضي أن يأمره بأن يسكنها بين قوم صالحين، فإن علم القاضي أن الأمر كما قالت المرأة زجره عن ذلك، ومنعه من التعدّي عليها، وإن ذكروا أنّه لا يؤدبها تركها في جوار من يوثق به أو كانوا يميلون إليه، أمره أن يسكنها بين قوم صالحين، ويسأل عنهم وبنى الأمر على خبرهم، كذا في نكاح «الذخيرة» (٦).


(١) ينظر: العناية شرح الهداية (٤/ ٣٩٥).
(٢) ينظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٥٢٤).
(٣) ينظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٥٢٤).
(٤) ينظر: المرجع السابق (٣/ ٥٥٦).
(٥) سورة الطلاق: ٦.
(٦) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٥١٩).