للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[باب الربا]

لما ذكر أبواب البيوع التي أمر الشارع بمباشرتها بقوله تعالى: {وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} (١) ذكر [في] هذا الباب أنواع البيوع التي نهى الشارع عن مباشرتها بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا} (٢)، وقد نبهت مرارًا بأن النهي يعقب الأمر ويقفوه؛ لما أن المنع (٣) يقتضي سبق الوجود، ثم للربا تفسير لغوي وشرعي، أما اللغة: فهو (٤) الزيادة، من ربا المال زاد، وينسب (٥) إليه فيقال (٦): ربوي بكسر الراء، ومنه الأشياء الربوية، وفتح الراء خطأ، كذا في المغرب (٧).

وأما الشرعي فيذكر (٨) بعد [هذا] (٩).

اعلم أن الله تعالى جعل المال سببًا لإقامة مصالح العباد في الدنيا، وشرع التجارة لها طريقًا، والتجارة نوعان حلال، يسمى في الشرع: بيعًا، وحرام يسمى: ربا، وكل واحد منهما تجارة، والأصل فيهما قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (١٠).

و (١١) حد البيع: مبادلة المال بالمال، وهذا أمر كان معهودًا بينهم، والشرع جاء بتقريرهم على ذلك.

وقوله (١٢) تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} (١٣)، هذا مجمل، فإن الربا في اللغة: عبارة عن الفضل والزيادة على ما ذكرنا، وليس المراد بهذا مطلق الفضل بالاتفاق، إذ البيع ما شرع في أصله إلا لاكتساب الفضل.

وروي عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يبين لنا أبواب الربا (١٤)، وكان من أرباب اللسان.

واختلفت الصحابة -رضي الله عنهم- في الربا، وكان من مذهب ابن عباس [رضي الله عنهما] (١٥) أن لا ربا إلا في النسيّة (١٦)، ثم رجع عن ذلك (١٧)، فدل اختلافهم أن المراد بالكتاب ليس بمطلق (١٨) الفضل، وإنما المراد به فضل مخصوص بجهة.


(١) [الجمعة: ١٠].
(٢) [آل عمران: ١٣٠].
(٣) في (ت): البيع.
(٤) في (ت): فهي.
(٥) في (ت): إذ ينسب.
(٦) في (ت): فتقول.
(٧) المُغْرِب في ترتيب المعرب لأبي الفتح ناصر الدين بن عبد السيد بن علي بن المطرز حقق الْكِتَاب محمود فاخوري وعبدالحميد مختار وطبعته مكتبة أسامة بن زيد في سوريا.
(٨) في (ت): فنذكره.
(٩) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(١٠) [البقرة: ٢٧٥].
(١١) في (ع): أو.
(١٢) في (ع): وقال.
(١٣) [البقرة: ٢٧٥].
(١٤) أخرجه البخاري في كتاب الأشربة - باب الخمر من العنب (٥٥٨١)، ومسلم في كتاب التفسير - باب في نزول تحريم الخمر (٣٠٣٢).
(١٥) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(١٦) أخرجه البخاري في كتاب البيوع - باب بيع الدينار بالدينار (٢١٧٨)، ومسلم في كتاب المساقاة - باب بيع الطعام مثلًا بمثل (١٥٩٦).
(١٧) أخرجه ابن ماجه في كتاب التجارات - باب من قال: لا ربا إلا في النسيئة (٢٢٥٨)، وصححه الألباني، وانظر: إرواء الغليل (٥/ ١٨٦).
(١٨) في (ت): مطلق.