للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر شيخ الإسلام -رحمه الله- فـ: محمد اعتبر الكثرة بحقيقة التكرار، وحقيقة التكرار بفوات الست، وهما إفاقة اعتبرا الأثر في ذلك، فإنّه رُوي عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه -: «أنه أغمى عليه أكثر من يوم وليلة، فلم يقض الصلوات» (١)، والعبرة في المنصوص عليه لعين [النص] (٢) لا للمعنى، والله أعلم (٣).

[باب سجود التلاوة]

كان من حق هذا الباب أن يقترن بسجود السهو، كما هو وضع شروح «الجامع الصغير» للرتبة (٤)، والتتمة في «شرح الطحاوي»، وغيرها؛ لمناسبته أنّ في كل منهما بيان السجدة إلا أنّه لما ذكر بيان (٥) صلاة المريض بعد السهو؛ لما قلنا: إنهما من العوارض السماوية ألحق هذا الباب به؛ لأنه إلحاق في الحقيقة بباب سجود السهو، أو لأنّ في هذا الباب، وفي الباب الذي يتلوه، وهو باب صلاة السفر بيان حكم العوارض المكتسبة، [وفي بابي السهو والمرض بيان حكم العوارض السماوية، والسماوية مقدمة على المكتسبة] (٦)، لكونها (٧) أغرق في العارضية، [أي: أثبت] (٨)، فكانت هي أحوج إلى البيان؛ بسبب عدم إمكان دفعتها (٩) قبلها المكتسبة ضرورة؛ لاشتراكهما في اسم العارضية.

[١٣١/ أ] ثم سجود التلاوة من قبيل إضافة الحكم إلى سببه أيضًا، كما في سجود السهو، فيحتاج في هذا الباب إلى معرفة أشياء منها بيان [سبب] (١٠) وجوب سجدة التلاوة، وبيان شرطها، وبيان ركنها، وبيان صفتها، وبيان مواضعها، وبيان من يجب عليه، وبيان كيفية أدائها، وبيان ما يكره/ و [بيان] (١١) ما يستحب فيها (١٢).

أما سبب وجوبها: فتلاوة آيات معدودة من القرآن، أو سماعها -وهي أربع عشرة-، وإنما قلنا: إن التلاوة سبب لها؛ لأنها تضاف إلى التلاوة، فيقال: سجدة التلاوة، ويتكرّر بتكرّرها، والسماع كذلك سبب كالتلاوة بالسنة، ويتكرّر بتكرّر السماع.

أمّا السنة: فإنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسجد؛ لسماع من غيره (١٣) كما يسجد لتلاوة [من] (١٤) نفسه، ولأنّ ما تعلّق بالتلاوة يتعلق بالسّماع قياسًا على التأمين، فإنّه كما علق بتلاوة الفاتحة عُلّق بسماعها أيضًا؛ وذلك لأنّه إنما وجبت على التالي؛ لأنه طُلب منه بحكم الآية مخالفة الكفرة، وقد فُهم ذلك فلزمه، فكذا السّامع عُلم ما طلب منه بموجب الآية، فلزمه كما لزم التالي.


(١) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (١/ ٣٨٧ - رقم ١٦٨٨).
(٢) [ساقط] من (ب).
(٣) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٠، كشف الأسرار: ٤/ ٣٧٦.
(٤) في (ب): "المرتبة".
(٥) في (ب): "باب".
(٦) [ساقط] من (ب).
(٧) في (ب): "لكنها".
(٨) [ساقط] من (ب).
(٩) في (ب): "دفعها".
(١٠) [ساقط] من (ب).
(١١) [ساقط] من (أ).
(١٢) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١١، البحر الرائق: ٢/ ١٢٨، الجوهرة النيرة: ١/ ٢٣١.
(١٣) أخرجه الشافعي في «مسنده- ت السندي» (١/ ١٢٢ - ٣٥٩).
(١٤) [ساقط] من (ب).