للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[لا يشترط البلوغ للصبي]]

وأما المسائل: فإن الصبي إذا باع أو اشترى ثم بلغ فأجاز لم يجز (١)، ولو صحَّ كلامه لتوقف، كالعبد يتزوج ثم يَعْتِق فإنه يصح، وكذلك إن أذن الأب لو صح في حقه لتملك الإقرار عليه/ بالدين كما يملكه في حق العبد، ولما لم يملك الولي الإقرار عليه بالدين استحال أن يملك الصبي المأذون من جهته ما لا يملكه هو بنفسه، وهو الإقرار بالدين؛ وكذلك عدم وجوب فرائض الطاعات عليه من الصلاة والصوم دليل على أنه في التصرفات مُلحق بالصبي غير العاقل؛ لأن التصرفات المملوكة لحق الملك فيه مبنيَّة على الخطأ، بخلاف النوافل؛ لما أن في النوافل نفعًا محضًا، ولا ينوب الولى عنه فيها، وكانت نظير الوصية على أصلي.

[[إلزام دفع المال للصبي عند البلوغ]]

قلتُ: أما الآية الأولى فهي قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ (٦)} (٢) قد ذكرنا أن فيه بيان إلزام دفع المال إليه بالبلوغ، وذلك عبارة عن زوال ولاية الولي عنه، وكلامنا فيما قبل البلوغ، فلا يكون حُجة له، بل ما قبل هذه الآية، وهو قوله: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى (٦)} (٣) حُجة لنا، وقد ذكرناه (٤).

وأما الآية الثانية: فقوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ (٥)} (٥) هم الذين لا يعقلون، أو المراد النساء، وهو أن الرجل يَدفع المال إلى زوجته، ويجعل التصرف فيه إليها، وذلك منهي عنه (٦).

وأما الجواب عن قوله: (إذا باع الصبي ثم بلغ فأجاز لم يجز)؛ لأن عدم الجواز حين عقد كان؛ لأنه ألحِقَ فيما يلزم بتصرفه بالطفل (٧) ما لم يثبت كمال حاله (٨) بإذن الولى أو بالبلوغ؛ فإذا لم يُجزه الولي بقي على النقصان وباللحوق بالأطفال، فلا يُقبل الجواز بكمال يحدث من بعد بلوغه؛ لأن اشتراط توقف التصرف لأجل شيء يجب أن يكون ذلك الشيء موجودًا في نفسه على ما مرَّ في مسائل تصرف الفضولي (٩) (١٠).


(١) قال النووي: (مذهبنا أنه لا يصح سواء أَذِن له الولي أم لا) المجموع (٩/ ١٥٨)، وانظر: الحاوي الكبير (٥/ ٣٦٨)، فتح العزيز (٨/ ١٠٦).
(٢) سورة النساء من آية (٦).
(٣) سورة النساء من آية (٦).
(٤) انظر: تبيين الحقائق (٥/ ٢١٩).
(٥) سورة النساء من آية (٥).
(٦) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٢٢)، بدائع الصنائع (٧/ ١٧٠).
(٧) سقطت في (ع).
(٨) في (ع) (حقه) وما أثبت هو الصحيح. انظر: الأسرار للدبوسي (١/ ٤٢٨).
(٩) الفضولي: هو من لم يكن وليًّا ولا أصيلًا ولا وكيلًا في العقد. المغرب (ص: ٣٦٢)، التعريفات (ص: ١٦٧).
(١٠) قال الموصلي: (تصرفات الفضولي منعقدة موقوفة على إجازة المالك؛ لصدورها من الأهل، وهو الحر العاقل البالغ، مضافة إلى المحل؛ لأن الكلام فيه، ولا ضرر فيه على المالك؛ لأنه غير ملزم له). الاختيار (٢/ ١٧).