للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[شروط الشفعة]

وأمَّا شَرْطُها [المخصوص بها] (١): فهو أن يكون المحل عقارًا -سُفْلاً كان أو عُلوًا- يحتمل القسمة؛ كالدَّار والبيت، أو لا يحتمل كالحمام والبئر، والمحال شروط، فكذا صفاته؛ فإنَّ الشفعة لا تجب في المنقولات مقصودًا، وإنما تجبُ تَبَعًا للعقار، وأن يطلب الشفيع شفعته على وجه المواثبة (٢) والإسراع، وذلك طلبه عند قول (٣) علمه بالشِّرى، وأنَّه (٤) طلب الشفعة كما علم بالشرى يُثبت حَقَّه، وإن لم يطلب هنيهةً وسَكت بطلت شفعته على ما يجيء.

ومن شرطها أيضًا: أن يكون العقد عقد مُعَاوضة عين المال بالمال، فإنها لا تجب إلا عند عقد البيع، أو ما هو في معناه من الصُّلح والهبة بشرط العوض إذا وجد قبض البَدَلَين، وأما إذا قبض أحدهما دون الآخر فلا شفعة عندنا، خِلافًا لِزُفر (٥).

[أركان الشفعة وصفتها]

وأمَّا رُكنها: فهو أَخْذ الشَّفيع ما اشتراه المشتري، إما من البائع أو من المشتري عند وجود شرطها وسببها.

وأما صفتها: فهي أن (٦) الأخذ بالشفعة بمنزلة شراء مُبتدأ، فكل ما يَثبت للمُشتري من غير شرط؛ نحو الرَّدِّ بخيار الرؤية، والرد بالعيب-يثبت للشفيع، وما لا يَثبت للمشتري إلا بالشرط لا يَثبت للشفيع إلا بالشرط أيضًا.

[حكم الشفعة]

وأما حكمها: فجواز طَلَبِ الشفعة عند تَحَقُّق سببِها الذي ذكرنا، وهو الشركة في ملك العقار مع البيع، وتأكدها بعد الطلب، وثبوت الملك بالقضاء بها، أو بالرِّضا.

وأما ترتيبها: فثلاثة؛ فإنَّ أَوَّل ما يستحق بها بالشركة في عين البقعة (٧)، ثم بالشفعة في حقوق الملك من الطريق والشرب، ثم بالجوار.

[وقد قيل: يستحق الشفعة على أربع مرات، وكلٌّ منها بيانه في مواضعه إن شاء الله تعالى] (٨)، كذا في «المبسوط» (٩)، [والذخيرة] (١٠) (١١)، و «التحفة» (١٢)، وغيرها.


(١) ساقط من: (ع).
(٢) المواثبة: واثَبَه: أي ثاوره، وفي الحديث: «الشُّفْعَةُ لمن واثَبَها»، أي لمن طلبها حين يعلم بالبيع. ينظر: شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم: ١١/ ٧٠٦٧.
(٣) في (ع): «فور».
(٤) في (ع): «فإنه إن».
(٥) هو زفر بن الهذيل بن قيس العنبري البصري، صاحب أبي حنيفة، ولي قضاء البصرة، ومات سنة ١٥٨ هـ. ينظر: تاج التراجم: ص ١٦٩ وما بعدها، الجواهر المضية: ١/ ٢٤٣.
(٦) في (ع): «فإن».
(٧) البقعة من الأرض: واحدة البقاع، والباقعة: الداهية، تقول منه: بُقِعَ الرجل إذا رُمِيَ بكلام قبيح أو ببهتان. ينظر: الصحاح: ٣/ ١١٨٧.
(٨) ما بين المعكوفين زيادة من: (ع).
(٩) مبسوط السرخسي، نحو: خمسة عشر مجلدًا، وهو: لشمس الأئمة: محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي. المتوفى: سنة ٤٨٣ هـ. أملاه من خاطره، من غير مطالعة كتاب، وهو في السجن بأوزجد، بسبب كلمة كان فيها من الناصحين، وذكر فيه حسب حاله في آخر كل كتب من الكتاب. ينظر: كشف الظنون: ١/ ١٥٨٠.
(١٠) زيادة من: (ع).
(١١) ذخيرة الفتاوى، المشهورة: بـ: الذخيرة البرهانية، للإمام برهان الدين محمود بن أحمد بن عبد العزيز بن عمر بن مازه البخاري (تـ ٦١٦ هـ)، اختصرها من كتابه المشهور بـ: المحيط البرهاني، كلاهما مقبولان عند العلماء. ينظر: كشف الظنون: ١/ ٨٢٣.
(١٢) تحفة الفقهاء في الفروع، للشيخ الإمام الزاهد علاء الدين محمد بن أحمد السمرقندي الحنفي، زاد فيها على مختصر القدوري، ورتب أحسن ترتيب. ينظر: كشف الظنون: ١/ ٣٧١.