للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَأَوَّلُوا كَذِبَهُم) أي: الشُّهود (ظَاهِر مَا وَرَدَ بِإِطْلاقِهِ (١) أي: بتجويزه من الحديث وهو قوله -عليه السلام-: «ليس بكذَّابٍ من أصلح بين اثنين» (٢) كذا ذكره الإمام الكَشَّاني (٣).

(وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ) أي: ستر الشَّاهد على المشهود عليه ما يوجب القتل في معنى (إِصْلَاحِ ذَاتِ البَيِّنِ (٤) بجامع أنَّ العفو مندوب ههنا (٥) كما أنَّ الإصلاح (٦) مندوب هناك فكان ورود الإطلاق والتجويز هناك وروداً هنا (٧).

(وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ قَتَلَ فُلاناً، فَقَالَ الوَلِيُّ: قَتَلْتُمَاهُ جَمِيعاً فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَهُمَا (٨) وكذلك (٩) لو (١٠) قال الولي لأحدهما: أنت قتلته كان له أن يقتله؛ لأنَّهما تصادقا على وجوب القصاص عليه (١١).

[[الفرق بين قول الولي قتلتماه أو صدقتما]]

فإن قلت: ما الفرق بين قوله: قتلتما وبين قوله: صدقتما في هذه الصُّورة حيث لم يكن له أن يقتل واحدًا منهما في قوله: صدقتما كذا ذكره الإمام التمرتاشي -رحمه الله-؟ (١٢).

قلت: الفرق بينهما هو أن قوله: صدقتما كقوله لكل واحد منهما: أنت قتلته وحدك وفي تصديق كل واحد منهما تكذيب الآخر في الجميع وهو تكذيب لهما حينئذ بخلاف قوله: قتلتما؛ لأنَّه لما أقرَّ كل واحد منهما بكلِّ القتل صدق الولي بقوله: قتلتما كل واحد منهما في نصف القتل والتكذيب في نصف ما أقر به لا يبطل الإقرار.


(١) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٥).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) يُنْظَر: تبيين الحقائق (٦/ ١٢٣، ١٢٤)، تكملة البحر الرائق (٨/ ٣٦٨، ٣٦٩) العناية شرح الهداية (١٥/ ٢٣١)، مجمع الأنهر (٤/ ٣٣٧).
(٤) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٥).
(٥) وفي (ب) (هنا).
(٦) وفي (ب) (كان الإصلاح).
(٧) وقد ورد في الإصلاح حديث رواه الترمذي (٤/ ٦٦٣)، في (كتاب صفة القيامة)، برقم (٢٥٠٩) عن أبي الدّرْدَاءِ قال: قال رسول اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- «ألا أُخْبرُكُمْ بأَفْضَلَ من درَجَةِ الصّيَامِ والصَّلَاةِ والصَّدَقَةِ؟» قالوا: بلَى، قال: «صلَاحُ ذاتِ الْبيْنِ فإن فسَادَ ذاتِ الْبيْنِ هيَ الْحَالقَةُ» قال أبو عيسَى هذا حَديثٌ صَحيحٌ.
(٨) بداية المبتدي (٢٤٣).
(٩) وفي (ب) (وكذا).
(١٠) وفي (ب) (إذا).
(١١) يُنْظَر: الجامع الصغير (٤٩٧).
(١٢) يُنْظَر: البناية شرح الهداية (١٣/ ١٥٤).