للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا كله فيما إذا باعه الموْلَى حال غيبة الغرماء، ولو باعه حال حضرتهم فهو لا يخلو: إما إن كان الدين مُؤجلًا، أو حالًّا (فلو كان الدين مؤجلًا على المأذون إلى أجل فباعه الموْلَى بأكثر من قيمته أو بأقل منها فبيعه جائز (١)؛ لأنه باع ملكه وهو قادر على تسليمه؛ لأن حق الغرماء بسبب التأجيل يتأخر في المطالبة بقضاء الدين إلى حلول الأجل فينفذ بيعه قبل حلول الأجل؛ فإن قيل: حق الغرماء في هذا العبد المديون (٢) كحق المرتهن، وذلك يمنع الراهن من البيع (٣) سواء كان الدين حالًّا أو مُؤجلًا، أو هو كحق الغرماء في مال المريض، وذلك يمنع التصرف المبطل لحقهم، سواء كان الدين حالًّا أو مُؤجلًا؛ قلنا: لا، كذلك؛ فللمرتهن في المرهون ملك اليد، وذلك قائم مقام التأجيل في الدين، وبه يعجز الراهن عن التسليم، وليس للغرماء ملك اليد في المأذون، ولا في كسبه، وإنما لهم حق المطالبة بقضاء الدين، وذلك يتأخر إلى ما بعد حلول الأجل، وتصرُّف المريض في ماله نافذ ما دام حيًّا، وبعد موته لا يبقى الأجل؛ ولهذا لا يتصرف الوارث في تركته، ويُؤمر بقضاء الدين في الحال، فلمَّا لم يبق الأجل بعد موته كان الدين الحال والمؤجل في الحكم سواء) (٤).

وأما ههنا لا سبيل للغرماء على منع الموْلَى من التصرف، وأما مطالبته بشيء حتى يحل دينهم، فإذا حل ضمَّنوه قيمته (٥)؛ لأنه أتلف عليهم محل حقهم وهو المالية.

[تخيير الغرماء إذا باع الموْلَى العبد في التضمين بين البائع والمشتري]

وأما إذا كان الدين حالًّا فلهم أن يمنعوه من ذلك؛ لأن لهم حق المطالبة بقضاء الدين [والاستسعاء فيه، وأما إذا باعه بثمن يفي ديونهم، ووصل إلى الغرماء ثمنه فليس لهم تضمين البائع] (٦) على ما يجيء الكتاب (٧)؛ فهذا كله من بابي مأذون «المبسوط» باب بيع القاضي (٨)، وباب البيع الموْلَى عبده (٩) و «الذخيرة» (١٠)، فبهذا يُعلم أن قوله: (فإن باعه الموْلَى إلى أن قال: فإن شاء الغرماء ضمَّنوا البائع قيمته) فيما إذا باعه بثمن لا يفي بديونهم وبدون إذن الغرماء والدين حالٌّ، وأما إذا كان بخلاف هذه الأشياء الثلاثة فلا ضمان على الموْلَى (١١).


(١) انظر: المبسوط للشيباني (٩/ ٦٨).
(٢) في (أ) (المأذون لحق).
(٣) في (ع) زيادة (الفاسد).
(٤) المبسوط للسرخسي (٢٥/ ١٣٦).
(٥) سقطت في (ع).
(٦) سقطت في (ع).
(٧) انظر: الهداية (٤/ ٢٩٣).
(٨) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ١٣٠).
(٩) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ١٣٦).
(١٠) انظر: مجمع الأنهر (٢/ ٤٥٣).
(١١) انظر: مجمع الأنهر (٢/ ٤٥٣)، تبيين الحقائق (٥/ ٢١٧).