للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[شرط الخيار في الإجارة]]

ولهذا قلنا: لو مات الموصى له بالخدمة تبطل الوصية؛ لأن المنفعة لا تورث، والدليل عليه أنه لو أوصى برقبة عبده لإنسان وبخدمة لآخر فرد الموصى له بالخدمة الوصية، كانت الخدمة لصاحب الرقبة دون ورثة الموصي؛ لأن المنفعة المجردة لا تورث وهذا لأن الوراثة خلافة، فلا يتصور ذلك إلا فيما تبقى وتبين ليكون ملك المورث في الوقت الأول، ويخلفه الوارث فيه في الوقت الثاني، والمنفعة الموجودة في حياة المستأجر لا تبقى، لتورث والتي تحدث بعده لم تكن مملوكة له؛ ليخلفه الوارث فيها، فالملك لا يسبق الوجود، وإذا ثبت انتفاء الإرث تعين بطلان العقد فيه، كعقد النكاح يرتفع بموت الزوج؛ لأن وارثه لا يخلفه فيه، كذا في المبسوط (١). (لأنه ينتقل بالموت إلى الوارث، وذلك لا يجوز) أي لأن الملك بالإرث فيما يثبت فيه الإرث إنما يثبت للوارث بطريق الانتقال من المورث إلى الوارث، وذلك لا يتصور في المنفعة والأجرة المملوكة؛ لأن عقد الإجارة ينعقد ساعة فساعة على المنافع، فلو قلنا بذلك يصير ملك الوارث مستحقا بالعقد على الوارث في المنافع، فهو لا يجوز؛ لأن استحقاق الشيء على غير [العاقد] (٢) إنما يصح فيما بقي، كما في الأعيان لا في المنافع.

فإن قيل: لما كانت الإجارة تتحدد في حق المعقود عليه بحسب ما يحدث من المنفعة ينبغي أن يعمل إجازة الوارث فيه؛ لأن العين [الذي] (٣) يحدث فيه المنفعة صار ملكه، كما في تصرف الفضولي (٤).


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (١٥/ ١٥٤).
(٢) في (ب) العاقدين.
(٣) في (ب) التي.
(٤) الفضولي لغة: من الرجال المشتغل بالفضول أي الأمور التي لا تعنيه.
انظر: لسان العرب (٦/ ١٤٤).
الفضولي شرعا: من لم يكن وليا ولا وصيا ولا أصيلا ولا وكيلا.
انظر: التعريفات للجرجاني (١/ ١٦٧).