للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: إنما يعمل إجازته؛ لأنه لم يتوقف على حقه عند العقد، فلا يتوقف على إجازته، والفقه فيه ما بينا أن الوارث إنما يقوم مقام المورث في أملاكه، لا في أقواله، ولا في عقوده التي عقدها لنفسه (١)، وعليه كما إذا وهب شيئا ومات قبل التسليم، أو وكل رجلا ببيع ماله فلم يبعه حتى مات الموكل، فإن الوارث لا يقوم مقام المورث في هاتين المسألتين؛ لما قلنا: إنه لا يقوم مقامه في أقواله، وهذا بخلاف النكاح، حيث لا يبطل النكاح أمته بموت المولى لأن ملك النكاح في حكم ملك العين، [ولا] (٢) يثبت للوارث بملكه رقبة الأمة حق ما بقي حق الزوج كما لو باعها المولى، لا يبطل النكاح إلى هذا أشار في المبسوط (٣)، والأسرار (٤)، ويصح بشرط الخيار في الإجارة.

(وقال الشافعي (٥) -رحمه الله-: لا يصح) صورته ما ذكر في المبسوط، فقال رجل تكارى دارا سنة على أنه [ها هنا] (٦) بالخيار ثلاثة أيام، فهو جائز عندنا، وفي أحد قولي الشافعي لا يجوز بناء على الأصل الذي بينا له أن جواز الإجارة بطريق أن المنافع جعلت كالأعيان القائمة، وإنما يكون ذلك إذا اتصل ابتداء المدة بالعقد، وباشتراط الخيار ينعدم ذلك؛ لأن ابتداء المدة من حين سقط الخيار، وإن جعل ابتداء


(١) القاعدة: يقوم الوارث مقام مورّثه في كل شيء.
والحقوق قد تكون أموالًا يورثها، وقد تكون ديونًا عليه، وقد تكون حقوقًا معنوية تتعلق بالميت كحد القذف فالوارث يقوم مقام مورثه في كل شيء، ولهذا هذه القاعدة ظاهرها يدخل فيها كل شيء؛ لأن العلماء اختلفوا في بعض الأشياء، والمصنف -رحمه الله- اختار ما اختاره جمع من أهل العلم في هذه القاعدة أنه يقوم مقامه في كل شيء لعموم الأدلة التى جاءت، منها قوله: "ومن ترك مالًا فهو لورثته" أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الفرائض (٨/ ٤٠٩)، ومسلم في صحيحه في كتاب الفرائض (٥/ ٦٢) كلاهما من حديث أبي هريرة رضى الله عنه بلفظ: "فمن توفي وعليه دين فعليَّ قضاؤه، ومن ترك مالًا فلورثته". وهذا عام في كل حق.
انظر: شرح القواعد السعدية (ص: ٢٧٠).
(٢) في (ب) فلا.
(٣) انظر: المبسوط للسرخسي (١٥/ ١٥٤).
(٤) انظر: المبسوط للسرخسي (١٥/ ١٥٤).
(٥) انظر: الأم للشافعي (٣/ ١٥٨).
(٦) ساقطة من (أ).