للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتكلّموا أنّه -عليه السلام- من أي مال رَزَقَه (١) ولم تكن يومئذ الدواوين ولا بيت المال [فإنّ] (٢) الدّواوين وضعت في زمن عمر -رضي الله عنه-؟، فقيل: إنّما رزقه من الفيء مما أفاء الله {تعالى} (٣)، وقيل: من المال الذي أخذ من نصارى [بني] (٤) نجران ومن الجزية التي أخذها من مجوس هجر (٥).

[[مصدر رزق القاضي]]

وعن أبي بكر -رضي الله عنه- أنّه كان يأخذ كل يوم درهمًا وثلثي درهم (٦)، وعن عمر -رضي الله عنه- أنه كان يأخذ كفايته (٧)، قال الصّدر الشّهيد: إن استعفّ فتنزّه كان أفضل، قال الله تعالى: {وَمَن كَانَ غَنِيّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} (٨)، والآية وإن كان نزولها في وصيّ اليتيم ولكن الوصي عامل/ لليتيم [فيثبت] (٩) ذلك الحكم في كلّ من يعمل لغيره بطريق الحسبة (١٠)، فقد روي عن عثمان -رضي الله عنه- {أنه} (١١) احتسب ولم يأخذ (١٢).


(١) - الرّزَقُ لُغَةً: العطاء والْمَنْحُ، يُقالُ: (رَزَقَهُ اللهُ رِزْقَاً) بِمَعْنَى: أَعْطَاهُ عَطَاءً، وجَمْعُهُ أرْزَاق. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (٤/ ١٤٨١)، معجم مقاييس اللغة (٢/ ٣٨٨)، شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (٤/ ٢٤٨٨).
- الرِّزْقُ في اصطلاح الفقهاء: عَرَّفَه علاء الدين الحصكفي في "الدر المختار" فقال: الرِّزْقَ مَا يُفْرَضُ فِي بَيْتِ الْمَالِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَالْكِفَايَةِ مُشَاهَرَةً أَوْ مُيَاوَمَةً. يُنْظَر: الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٦/ ٦٤١).
(٢) في (ب): (وإن).
(٣) سقطت من (أ).
(٤) هكذا في النسختين.
(٥) يُنْظَر: نَصْب الراية للزيلعي (٤/ ٢٨٦)، العناية شرح الهداية (١٠/ ٦٧)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٢٧٣ - ٢٧٤).
(٦) لم أجدها، وقد أخرج ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٣/ ١٣٧) باب (ذِكْر بيعة أبي بكر) قال: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ الدَّسْتُوَائِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ أَصْبَحَ غَادِيًا إِلَى السُّوقِ وَعَلَى رَقَبَتِهِ أَثْوَابٌ يَتَّجِرُ بِهَا فَلَقِيَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَقَالا لَهُ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ: السُّوقَ، قَالا: تَصْنَعُ مَاذَا وَقَدْ وُلِّيتَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: فَمِنْ أَيْنَ أُطْعِمُ عِيَالِي؟ قَالا لَهُ: انْطَلِقْ حَتَّى نَفْرِضَ لَكَ شَيْئًا، فَانْطَلَقَ مَعَهُمَا فَفَرَضُوا لَهُ كُلَّ يَوْمٍ شَطْرَ شَاةٍ وماكسوه فِي الرَّأْسِ وَالْبَطْنِ، فَقَالَ عُمَرُ: إِلَيَّ الْقَضَاءُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَإِلَيَّ الْفَيْءُ، قَالَ عُمَرُ: فَلَقَدْ كَانَ يَأْتِي عَلَيَّ الشَّهْرُ مَا يَخْتَصِمُ إِلَيَّ فِيهِ اثْنَانِ.
- قال ابن حجر في "فتح الباري" والعيني في "عمدة القاري": إسناده مُرْسَل ورجاله ثقات. يُنْظَر: فتح الباري لابن حجر (٤/ ٣٠٥)، عمدة القاري للعيني (١١/ ١٨٥).
- وقال الألباني: وهذا إسناد معضل ضعيف عطاء بن السائب تابعى صغير وكان اختلط. يُنْظَر: إرواء الغليل للألباني (٨/ ٢٣٣).
(٧) أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (٦/ ٤٦٠) كتاب (السير) باب (ما قالوا في عدل الوالي وقسمه قليلاً كان أو كثيراً) برقم (٣٢٩١٤) قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ الْعَبْدِيِّ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «إِنِّي أَنْزَلَتْ نَفْسِي مِنْ مَالِ اللَّهِ مَنْزِلَةَ مَالِ الْيَتِيمِ، إِنِ اسْتَغْنَيْتَ مِنْهُ اسْتَعْفَفْتَ، وَإِنْ افْتَقَرْتَ أَكَلَتَ بِالْمَعْرُوفِ».
- وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٣/ ٢٠٩) بنفس السند.
- قال ابن حجر في "فتح الباري": وسنده صحيح. يُنْظَر: فتح الباري لابن حجر (١٣/ ١٥١).
(٨) سورة النساء الآية (٦).
(٩) في (ب): (فبقي).
(١٠) يُنْظَر: البناية (١٢/ ٢٧٥)
(١١) سقطت من (أ).
(١٢) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٦/ ١٠٢)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (١٢/ ١٨٦)، البناية في شرح الهداية (١٢/ ٢٧٥).