للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونظر الوكيل كنظر المشتري، ولا يكون نظر الرسول كنظره.

[[الفرق بين الرسول والوكيل]]

قيل في الفرق بين الرسول والوكيل: إن الرسول هو الذي لا يستغنى عن إضافة العقد إلى مرسله، بخلاف الوكيل، فإنه يعقد بالاستبداد. ويثبت الفرق بينهما أيضاً في كتاب الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} (١)، وقال: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} (٢)، وقال: {لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} (٣) نفي الوكالة منه وأثبت الرسالة عليه؛ لأن الرسالة نيابة، والوكالة أصالة في حق العقد والقبض؛ لأن الحقوق راجعة إليه، ولا كذلك الرسول، كذا وجدت بخط شيخي (٤) - رحمه الله - فذكر في الفوائد الظهيرية (٥) وصورة التوكيل، أن يقول المشتري لغيره: كن وكيلاً عني في قبض المبيع، وصورة الرسول أن يقول: كن رسولاً عني، أو يقول: أمرتك بقبضه.

وقالا (٦): هما سواء

أي: حكم الوكيل بمنْزلة حكم (الرسول) (٧) حتى نفي الخيار بعد رؤيتهما، "وأما الوكيل بالشراء فرؤيته تسقط بالخيار بالإجماع، وإنما قيد بالوكيل بالشراء للاحتراز عن مسألتين:

أحدهما: الوكيل بالقبض، وهو مختلف فيه والكلام فيه.

والثانية الرسول بالشراء، فإن رؤيته لا يكون كرؤية المرسل" كذا في المحيط (٨).

"التوكيل قبول الوكالة، ومنه وكله بالبيع، فتوكل، أي: قبل الوكالة" كذا في المغرب (٩).

(وصار خيار العيب والشرط والإسقاط قصداً)

"بأن اشترى شيئاً معيباً قبل الرؤية، ثم وكل رجلاً يقبضه فقبضه الوكيل، رأينا عيبه لا يسقط خيار العيب عن الموكل، وكذا إذا اشترى الرجل شيئاً بخيار الشرط، ثم وكل رجلاً آخر بقبضه، فقبضه لا يسقط خيار الشرط عن الموكل.


(١) [المائدة: ٦٧].
(٢) [الأنعام: ١٠٧].
(٣) [الأنعام: ٦٦].
(٤) قلت: وقد تبين لي من خلال هذه الجملة أنه يقصد بشيخي أنه صاحب الفوائد الظهيرية الإمام ظهير الدين محمد بن أحمد البخاري، فقال: إن قال بخط شيخي فقال "فذكر في الفوائد الظهيرية"، والله أعلم.
(٥) العناية (٦/ ٣٤٥)، البناية (٨/ ٩٢)، درر الحكام (٢/ ١٥٨)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٤/ ٥٩٩).
(٦) قال في الأصل: "وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالوكيل والرسول في ذلك سواء" الأصل (٥/ ١٥٠).
(٧) في هامش (أ).
(٨) المحيط البرهاني (٦/ ٥٤٢).
(٩) ينظر: المغرب (ج ١: ص ٤٩٤).