للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأمر بالتوكل [محمول] (١) على التّوكل عند اكتساب الأسباب ثم التوكل بعده على الله دون الأسباب، قال الله تعالى لمريم [عليها السلام] (٢): {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} (٣) والله -عز وجل- قادر على أن يرزقها من غير هَزٍّ، كذا ذكره فخر الإسلام والمحبوبي -رحمهما الله- (٤).

[التداوي بالمُحرَّم]

(إلا أنّه لا ينبغي أن يستعمل المحرَّمَ كالخمر) (٥)، وفي "التهذيب" (٦): يجوز للعليل شرب البول والدّم والميتة للتّداوي؛ إذا أخبره طبيب مسلم أن شفاءه فيه، ولم يجد من المباح ما يقوم مقامه، وإن قال الطّبيب يتعجَّل شفاؤك به؟ فيه وجهان، وهل يجوز شرب القليل من الخمر للتداوي؟ فيه وجهان، كذا ذكره الإمام التمرتاشي/ (٧).

وذكر في "الذّخيرة": وما قاله الصدر الشهيد/ بأن الاستشفاء بالحرام حرام فهو غير مُجْرىً على إطلاقه؛ [فإن] (٨) الاستشفاء بالمحرّم إنما لا يجوز إذا لم يعلم أنّ فيه شفاء، أما إذا علم أن فيه شفاءً [وليس] (٩) له دواء آخر غيره موجود يجوز الاستشفاء (١٠).

ومعنى قول ابن مسعود -رضي الله عنه-: أن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرّم عليكم (١١)، يحتمل أن عبد الله قال ذلك في داء عرف له دواء غير المحرّم؛ لأنه حينئذٍ يستغني بالحلال عن الحرام، ويجوز أن يقال تنكشف الحرمة عند الحاجة فلا يكون الشفاء بالحرام وإنّما يكون بالحلال (١٢).


(١) في (أ): (مجموله).
(٢) في النسختين: -رضي الله عنها-.
(٣) سورة مريم الآية (٢٥).
(٤) يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (٤/ ١٧١)، العناية شرح الهداية (١٠/ ٦٦)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٢٧١).
(٥) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥١١).
(٦) التهذيب: هو كتاب "التهذيب في فقه الإمام الشافعي"، لأبي محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي، الشافعي، الْمُتَوَفَّى سنة ٥١٦ هـ، وهو مطبوع، طبعَتْهُ دار الكتب العلمية بلبنان، بتحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، علي محمد معوض، عام ١٤٠٨ هـ، في ثمانية أجزاء.
(٧) يُنْظَر: التهذيب في فقه الإمام الشافعي (٨/ ٧٢)، المجموع شرح المهذب للنووي (٩/ ٥١)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (٨/ ١٤)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٢٧١)، رد المحتار على الدر المختار (٦/ ٣٨٩).
(٨) في (أ): (وأن).
(٩) في (ب): (فليس).
(١٠) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٨٢)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٤٩)، وذكره في البناية شرح الهداية (١٢/ ٢٧١).
(١١) أخرجه البخاري في صحيحه (٧/ ١١٠) كتاب (الأشربة) باب (شراب الحلواء والعسل) موقوفاً: وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فِي السَّكَرِ: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ».
(١٢) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٨٢)، العناية شرح الهداية (١٠/ ٦٧)، رد المحتار على الدر المختار (٥/ ٢٢٨).